دعت حركة مجتمع السلم إلى ضرورة التسريع في تنفيذ سلسلة الإصلاحات التي أعلن عنها رئيس الجمهورية في خطابه للأمة يوم 16 أفريل، كما شدّدت على أهمية إشراك كافة الفاعلين في الساحة السياسية من أجل بلورتها بالشكل الذي يخدم المسار الديمقراطي في البلاد. وفي انتظار تجسيد ذلك اعتبرت «حمس» أن قرارات «بوتفليقة» قد أغلقت الباب أمام دعاة حلّ البرلمان والمطالبين بمجلس تأسيسي. لم يمنع الموقف الإيجابي الذي تعاملت بموجبه حركة مجتمع السلم مع الخطاب الأخير لرئيس الجمهورية، من إبداء بعض الملاحظات وحتى التحفظات في الجانب المتعلق بآليات تطبيق الإصلاحات المنتظرة، حيث سجلت في بيان لها نشرته أمس على موقعها الإلكتروني بعنوان «رؤية للإصلاحات» أن «ما جاء في خطاب الرئيس من قرارات في شكلها الخام، إذا تحققت مضامينها على الأرض، قبل نهاية 2011، فإنها ستُشكل منعطفا حاسما في تاريخ جزائر ما بعد حالة الطوارئ..». ووفق ما ورد في مضمون البيان الذي اطلعت عليه «الأيام»، فإن المخاوف التي أبدتها «حمس» ترى فيها أمرا طبيعيا خاصة وأنها أشارت إلى كون الرئيس «عبد العزيز بوتفليقة» قد اعترف في خطابه الأخير بوجود بعض النقائص التي ينبغي تداركها، حيث قالت إن «الخطاب أقرّ بوجود نقائص كثيرة صارت بحاجة إلى استدراك..»، وفي المقابل اعتبرت خطاب 15 أفريل الماضي بمثابة إعلان عن فتح نقاش رسمي على كل المستويات. لكن الأمر الذي نبهت إليه الحركة يكمن في ما أسمته «عوائق يُمكن أن تحول دون تجسيد هذه الإصلاحات». ومن بين الملاحظات التي سجّلتها «حمس» حديثها عن «عامل التماطل المحتمل في تنفيذها تحت طائل ربح الوقت»، وأوردت في هذا السياق أنها تخشى من «إفراغ الإصلاحات من محتوياتها الأساسية وتغليب الاجتماعي على السياسي»، وهو الأمر الذي دفع بها للدعوة بإلحاح إلى «ضرورة تجنب الاحتكار في الإصلاح تفاديا لتكريس الذهنية الأحادية»، مثلما حذرت من «تعويم لجنة إعادة صياغة الدستور، وتغليب الجوانب التقنية على جوهر الإصلاحات» رغم تأكيدها أيضا أن خطاب الرئيس «أغلق الباب أمام المطالبين بحلّ البرلمان ودعاة المجلس التأسيسي». وفي خطوة تكشف رغبة حركة مجتمع السلم في الإسراع في تطبيق ما جاء في خطاب رئيس الدولة وتنفيذه سريعا على أرض الواقع، أدرج البيان مقترحا يقضي ب«تحديد السقف الزمني للإصلاحات وفق رزنامة واضحة» مع ضرورة «تكريس التخفيف من البيروقراطية بالفصل الصارم بين السلطات بما يحقق التوازن والتكامل ويقضي على مركزية الأجهزة التنفيذية»، إضافة إلى «إعادة بناء الثقة بين الإدارة والمواطن من جهة، وبين المواطن ودولته من جهة ثانية، ثم بين المواطنين أنفسهم، برفع التجريم عن الحريات والمبادرات والخطاب الدعوي والإعلامي والسياسي والنقابي..». ومن هذا المنطلق ترى «حمس» أنه من الأهمية بمكان إيلاء العناية بإشراك جميع القوى في هذه الإصلاحات، قبل أن تؤكد أن الأهم «هو حماية مسارات الإصلاح المأمول من مصير ما انتهت إليه الإصلاحات التي فتح بابها دستور 23 فبراير 1989، وما تلا ذلك من تداعيات مؤلمة أغلقت المصالحة الوطنية جميع منافذها بعد فاتورة ثقيلة»، ولفتت على هذا المستوى إلى تمسك الشعب الجزائري بعدم الاستعداد للعودة بالجزائر 20 سنة إلى الوراء. وفي سياق ذي صلة أكد رئيس حركة مجتمع السلم، «أبو جرة سلطاني»، أن حزبه يقف مع «الإصلاح الهادئ المتدرج في الزمن شريطة أن يكون له سقف زمني وتُحدّد له أولوياته ويشرف عليه القاضي الأول في البلاد»، وصرّح أمس خلال ندوة فكرية خُصّصت لتقديم كتابه الجديد: «أنظمة في وجه الإعصار»، قائلا: «نحن مع الإصلاح ولسنا مع الثورة أو التغيير»، كما أشار إلى أن الحركة «ليست مستعدة للعودة إلى الدم والمأساة الوطنية لكننا أيضا لسنا مستعدين لأن تستمر الأوضاع على ما هي عليه..».