دافعت جمعية العلماء المسلمين الجزائريين عن ضرورة أن تكون مبادئ الشريعة الإسلامية مصدر أي إصلاح سياسي أو تعديل دستوري في البلاد، ومن دون الأخذ في الحسبان بهذا الجانب فإنها لا تتوقع نجاح مساعي الإصلاحات السياسية، وهو الأمر الذي أبلغت به الهيئة التي يرأسها «عبد القادر بن صالح»، وطالبت أيضا بإعادة النظر في المنظومة التربوية وإعادة الاعتبار للغة العربية. تنقل وفد جمعية العلماء المسلمين الجزائريين أمس إلى مبنى رئاسة الجمهورية في غياب الرئيس الشيخ «عبد الرحمان شيبان» الذي تعذّر عليه الحضور لدواع صحية، ومع ذلك فإن الأستاذ الشيخ «محمد لكحل شرفاء» والدكتور «عمار طالبي» تكفلا بإيصال مقترحات الجمعية التي تركزت على ثلاث جوانب أساسية وهي مراعاة مبادئ الشريعة الإسلامية واحترام اللغة العربية ومراجعة المنظومة التربوية. وبالنظر إلى تميّز الدور الذي تلعبه جمعية العلماء المسلمين فإن الشيخ «محمد لكحل شرفاء»، الذي يشغل منصب نائب رئيس، شدّد على ما كان الشيخ العلامة «عبد الحميد بن باديس» حريصا على تكريسه في المجتمع الجزائري من مبادئ، وقد أفاد في تصرح له خلال اللقاء الصحفي أنه «ينبغي أن نجعل من إسلامنا هو الدستور والتربية والعقيدة..» وأن يكون هو «خط السير الذي يتوجب أن نسير عليه في العقيدة والشريعة»، ويرى أنه «لا يُمكن أن تكون شريعتنا عادلة ونظامنا عادلا وسياستنا عادلة إلا إذا بُنيت على العقيدة والإيمان..». وقال الأستاذ الشيخ «شرفاء» إن الجزائر إذا أرادت أن تكون أمة عظيمة ومتقدمة «يجب عليها أن تحرص على تطبيق دين الله»، وعلى حدّ تعبيره فإن العمل بهذا المبدأ كفيل بصيانة الأمة وبالتالي «لا تُملى علينا سياساتنا من هذا المعسكر أو ذاك.. ونكون نحن من يملي على أنفسنا ما نريده»، مذكرا في سياق تصريحه المقتضب أهمية الالتزام ب «مبادئ الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر والإيمان بالله لنبقى على العهد والأمانة». ولم يخرج تصريح الدكتور «عمار طالبي» عن هذه المحاور كونه اعتبر المشاورات السياسية «فرصة تاريخية جديدة لتكريس الديمقراطية في البلاد»، ليتفرغ بعدها للحديث التفصيل عن مقترحات جمعية العلماء المسلمين الجزائريين بشأن الإصلاح من خلال التأكيد على ضرورة أن «تكون الشريعة الإسلامية مصدر كل تشريع»، مضيفا أنه «ينبغي أن يتمّ تحديد هذا في الدستور»، كما دعا إلى مراجعة المنظومة التربوية «حتى تُكوّن لنا الإنسان الجزائري الصالح للعصر وللمستقبل». وأفاد الدكتور «طالبي» أنه أبلغ هيئة المشاورات رفقة الشيخ «محمد لكحل شرفاء» أهمية «الاهتمام باللغة العربية عن طريق استعمالها في كل المؤسسات»، وكذا «استعمال التربية الإسلامية في المدارس والتأكيد عليها في منظومة التكوين». إلى جانب «ضرورة مراجعة المنظومة القانونية وأن يكون القضاء مستقلا استقلالا تاما» والحرص على «الفصل بين السلطات التشريعية والتنفيذية والقضاء» الذي اعتبره أمرا حيويا، بالإضافة على مطلب «التداول على السلطة بشكل سلمي». وتزامنا مع دخول المشاورات السياسية يومها التاسع، تستقبل الهيئة برئاسة «عبد القادر بن صالح» ومساعديه «محمد تواتي» و«محمد علي بوغازي»، وفدا عن حركة النهضة يترأسه الدكتور «فاتح ربيع» الذي سيكون مرفوقا ببعض القياديين في هذا الحزب الذي سبق وأن أجرى استشارات واسعة اعتمد فيها على توجيهات قانونيين وجامعيين في الملفات المعنية بالإصلاحات، كما ستستمع خلال الجلسة المسائية إلى رئيس الحكومة الأسبق «إسماعيل حمداني» بوصفه «شخصية وطنية»، وهو اللقاء الذي سيحظى بكثير من الاهتمام الإعلامي بالنظر إلى تجربة هذا الرجل والمسؤوليات التي تقلّدها في السلطة وما ينتظر أن يُدلي به من تصريحات.