فاجأت وزارة الأشغال العمومية مستعملي الطريق السيّار «شرق-غرب» بقرار غلق المقطع الرابط بين «الأخضرية» بالبويرة و«الأربعطاش» بمدخل العاصمة، بعد مرور شهر فقط من تدشينه. تأتي هذه المستجدات بعد أن أوعزت مصالح الوزير «عمر غول» غلق ما يُعرف ب «أنفاق بوزقزة» إلى ضرورة استكمال الأشغال في الجهة الجنوبية. أعاد إعلان الوكالة الوطنية للطرق السريعة غلق الطريق السيّار بين «الأخضرية» و«الأربعطاش» الممتد على مسافة قدرها 37 كلم، الجدل من جديد حول مصداقية احترام معايير إنجاز المشاريع ومدى الالتزام بآجال تسليمها. ففي الوقت الذي حرص فيه «عمر غول» على الوفاء بالتزاماته بخصوص دخول هذا المقطع الخدمة وجد نفسه هذه المرة أمام ورطة حقيقية بعد 37 يوما فقط من تدشين جزء من هذا المقطع لمستعمليه. وسبق للكثير من الملاحظين أن «حذّروا وزارة الأشغال العمومية من دفع ثمن قرارها الذي وصفوه ب«المتسرّع» بفتح هذا المقطع رغم عدم استكمال الأشغال فيه نهائيا نظرا لخطورته على المستعملين بسبب عدم احترام المعايير المعمول بها دوليا في الإنجاز». وحتى الآن لم تُفهم الأسباب الحقيقية وراء قرار توقيف الحركة المرورية عبر هذا المقطع الحيوي بالنسبة للقادمين من ولايات الشرق والجنوب الجزائري، لكن الثابت أن الأمر لديه صلة مباشرة باكتشاف وزارة الأشغال العمومية أن الاستمرار في استغلال الجزء الذي يصل «الأخضرية» بالعاصمة يعني احتمال حدوث كارثة حقيقية في الفترة المقبلة. والغريب أنه حتى الآن لا تزال الأسباب الحقيقية وراء إصدار قرار الغلق غير معروفة ولو أن مصادر «الأيام» تحدّثت بوضوح عن تزايد مخاوف من وقوع كارثة مرورية، ضف إلى ذلك أن النفقين المتواجدين على طول المسافة بين «الأخضرية» و«الأربعطاش» لا يتوفّران على معايير السلامة، فالأوّل يفتقد إلى التهوية والثاني منعدم الإنارة تماما. وهنا لا يجب إنكار أن أرضية الطريق تمت تهيئتها بشكل جيّد جدّا أحسن بكثير من باقي أجزاء «مشروع القرن». وبالعودة إلى تصريحات «عمر غول» خلال تدشينه هذا المقطع قبل 37 يوما فإنه يقول فيها «هذا الإنجاز الجديد يعد مكسبا هاما للدولة ولكل الجزائريين، ولاسيما لإطارات القطاعات التي سهرت على تجسيد مشروع القرن، وشكلت بذلك خزّانا من الكفاءات الوطنية التي سيعول عليها في المشاريع المستقبلية». وعلى حدّ تعبيره: «هذا المقطع من الطريق الذي يمكن وصفه بطريق التحديات الكبرى والتضاريس المعقدة»، مرجعا ذلك إلى كونه «أبهر الخبراء الدوليين خلال عرضه مؤخرا أمام المؤتمر الدولي للطريق بمكسيكو، وتم تصنيفه من بين أكبر مشاريع الطرق السيارة على المستوى العالمي». وخلّفت التطوّرات الأخيرة حالة تذمر كبرى لدى المواطنين الذين لم يستسيغوا قرار غلق المقطع المذكور، كما أنهم تساءلوا: «كيف يتم فتح الطريق أمام الحركة المرورية ثم يتم غلق بشكل فجائي دون سابق إنذار؟». وسادت حالة من التذمر لدى مستعملي الطريق السيّار أمس عندما وجدوا أنفسهم مجبرين على سلك الطريق القديم عبر «الأخضرية» مرورا ب «بني عمران» و«الثنية» و«تيجلابين» حتى «بودواو»، ووصل بهم الأمر إلى حدّ المطالبة بكشف المستور ومعاقبة المسؤولين عن ما وصفوه ب«المهزلة». وقد التزم الوزير بالمناسبة ذاتها ب «مواصلة العمل على استكمال ما تبقى من أشغال على مقطع الوسط، ولا سيما منها المتعلقة بعمليات التجهيز والتهيئة وفتح الاتجاه المعاكس المؤدي من الأربعطاش نحو الأخضرية قبل نهاية السنة الجارية». ويجدر التذكير بأن مقطع «الأربعطاش» و«الأخضرية» يمتد على مسافة تصل إلى 27.5 كلم، منها 17.5 كلم بإقليم ولاية بومرداس و10 كلم بولاية البويرة، فيما يصل طول المنشآت الفنية والمحولات ومحاور الربط التي يشملها المقطع على 10 كلم، منها 5 كلم تمثل الطول الإجمالي لأنفاق منطقة “بوزقزة” الأربعة، بينما يصل طول الجسور ال15 التي يضمها المقطع 4 كلم، فيما تقدر تكلفته المالية ب15 مليار دج.