تُشير المعلومات الواردة من المقر المركزي لحزب جبهة التحرير الوطني إلى احتمال نجاح الأمين العام «عبد العزيز بلخادم» في احتواء العاصفة التي يمرّ بها منذ أشهر خلال دورة اللجنة المركزية المرتقبة نهاية هذا الأسبوع، ولم يعد من خيار أمام معارضيه سوى «المناورة» لاستمالة أكبر عدد من الأعضاء، ووصل بهم الأمر إلى مراسلة مصالح وزارة الداخلية والأمن الوطني للمطالبة ب «عدم الانحياز» للطرف الآخر. يُدرك المعارضون لبقاء «عبد العزيز بلخادم» أمينا عاما لحزب جبهة التحرير الوطني، سواء تعلق الأمر بما يسمى ب «حركة التقويم والتأصيل» أو الجناح الذي أطلق على نفسه ب «المركزيون»، بأن أشغال الدورة العادية للجنة المركزية المقررة يومي 15 و16 من شهر جوان الحالي هي آخر فرصة أمامهم لفرض وجودهم وتأكيد قوّتهم قصد تحقيق هدفهم الأساسي برحيل القيادة الحالية، ولذلك فإن هناك تحرّكات في كل الاتجاهات ومساعي من أجل استمالة جهات عليا إلى جانبهم. واللافت أن معارضي «بلخادم» عجزوا حتى الآن في إحداث أيّ تغيير، خاصة بعد أن تحدّاهم الأمين العام في أكثر من مناسبة بتقديم القائمة الاسمية لأعضاء اللجنة المركزية الموقعين على عريضة سحب الثقة منه، وهو ما يترك الانطباع بأن مساعيهم ستنتهي إلى الفشل خاصة وأن الكثير منهم توعّد بالإطاحة برأس الحزب قبل انطلاق الحملة الانتخابية لتشريعيات العاشر ماي الماضي وهو ما لم يحدث، ولذلك فإن موازين القوى أصبحت على ما يبدو أكثر ميلا نحو استمرار «بلخادم» في قيادة الحزب العتيد بعد السبت المقبل. هناك الكثير من المتغيّرات التي عزّزت من موقف الأمين العام ل «الأفلان» وعلى رأسها «النتائج الباهرة» التي تحققت في التشريعيات والتي كان يراهن الكثير من معارضيه عليها لتقديم حجة إضافية لتنحيته، وسرعان ما كان لذلك تأثير على مواقف وجوه كان من أشدّ المعارضين لاستمرار «عبد العزيز بلخادم»، نذكر على سبيل المثال لا الحصر عضو المكتب السياسي المكلف بالعلاقات الخارجية «عبد الحميد سي عفيف» واقتصار الأمر في غالبه على القيادات التي تمّ إبعادها من قوائم الترشيحات على غرار «عبد العزيز زياري» و«بوجمعة هيشور» وآخرون. واستنادا على المعطيات التي تتوفر لدى «الأيام» فإن الأمين العام ومقرّبيه منشغلون خلال الأيام الأخيرة على «خياطة»السيناريو الذي يضمن «خروج آمن» لجماعة «بلخادم» بدءا من فرضه جدول أعمال الدورة التي سيكون فيها النقاش مفتوحا أمام جميع الأعضاء على أن يكون محور النقاش نتائج التشريعيات، مع الإشارة إلى أن «عبد العزيز بلخادم» ذاته كشف قبل اقتراع 10 ماي الماضي بأنه على استعداد لتحمّل المسؤولية والاستقالة رفقة المكتب السياسي في حال فشل في تحقيق الأهداف خلال الموعد المذكور. وأمام نجاح القيادة الحالية في استمالة عدد كبير من أعضاء اللجنة المركزية قبل أيام قليلة فقط من انعقادها، أصبح نشاط المعارضة يقتصر فقط على الخرجات الاستعراضية من خلال إطلاق تصريحات تهديد ووعيد عبر وسائل الإعلام دونما أن يكون لذلك أدنى تأثير في واقع الأمور على مستوى القيادة الحزبية. وكانت آخر هذه الخرجات المراسلة التي تقدّمت بها «حركة التقويم والتأصيل» إلى كل من مصالح وزارة الداخلية والجماعات المحلية والمديرية العام للأمن الوطني للمطالبة ب «التزام الحياد» وعدم الانحياز إلى «جناح بلخادم». وأشار الناطق الرسمي باسم هذه الحركة «محمد الصغير قارة»، الذي تمّ تجميد عضويته في اللجنة المركزية، إلى أن المراسلة المذكورة تهدف بالأساس إلى تذكير مصالح الداخلية والأمن ب «حق كافة أعضاء اللجنة المركزية المشاركة في أشغال هذه الدورة»، موضحا أن هناك مخاوف من تعرّض مناوئي الأمين العام ل «للقمع» من طرف مصالح الأمن التي ستكون مجنّدة لتأمين هذا الحدث الحزبي، وذكّر المتحدث بما حصل في مواعيد سابقة من هذا النوع لقطع الطريق أمام احتجاج المعارضة ضد القيادة الحالية. وكان عضو المكتب السياسي ل «الأفلان» المكلف بقطاع الإعلام والاتصال، «قاسة عيسي»، قد كشف بأن جدول أعمال الدورة العادية للجنة المركزية للحزب التي ستعقد بالعاصمة يتضمن عدة نقاط منها على وجه الخصوص نتائج الانتخابات التشريعية الأخيرة، زيادة عن «القضايا التنظيمية»، مضيفا في الوقت نفسه أن قيادة الحزب أدرجت في أجندة هذا الموعد بندا يخصّ التحضير للانتخابيات المحلية القادمة، إلى جانب المصادقة على تقريري نشاط الحزب للسداسي الماضي وكذا تنفيذ ميزانية 2011. وتفادى المتحدّث الخوض كثيرا في تفاصيل هذا الملف تاركا الحسم فيه إلى موعد انعقاد دورة اللجنة المركزية، ومع ذلك فإنه كان واضحا عندما سُئل بخصوص ما يسمى ب «الوساطة» التي يقوم بها «أعضاء فاعلون» في اللجنة المركزية بين الأمين العام للحزب ومناوئين له لإدراج مسألة إعادة طرح الثقة في شخصه ضمن جدول الأعمال خلال هذه الدورة، حيث قال بهذا الشأن: «الأمين العام يستقبل يوميا إطارات من الحزب». زهير آيت سعادة * شارك: * Email * Print