كشف وزير المالية، «كريم جودي»، بان السياسة المقبلة للحكومة ستكون أكثر حذرا بفعل تداعيات أزمة منطقة «اليورو» وتزامنها مع تراجع نسبي في أسعار البترول على المدى الطويل، وتحدّث عن إجراءات تقضي بوضع حدّ للزيادات في أجور الوظيف العمومية تصحبها تدابير من أجل تعليق حوالي 10 بالمائة من إجمالي مشاريع التجهيز. لم يتوان وزير المالية في التأكيد على أن الإجراءات التي قد تتخذها الجزائر في الفترة المقبلة قد تكون «قاسية» على الجبهة الاجتماعية خاصة وان الأمر يتعلق بوقف سياسة الزيادة في أجور عمال الوظيف العمومية بسبب تداعيات أزمة منطقة «اليورو» وإمكانية أن تتأثر بها بلادنا على المدى الطويل، وقد بدا «كريم جودي» متشائما بهذا الخصوص وهو يردّ على استفسارات الصحفيين أمس على هامش اختتام الدورة الربيعية للبرلمان. ومن هذا المنطلق اعترف الوزير «ندرك أننا مجبرون على تبني مقاربة حذّرة في تحديد مستوى النفقات العمومية، بشكل توافقي بين الظرف الدولي الذي يميزه تراجع الطلب على الطاقة ومن ثم هبوط أسعار النفط، ومؤشرات الاقتصاد الكلي ممثلة في حجم الدين العام الداخلي والخارجي وعائدات الجباية العادية..». وهو ما دفعه إلى الاعتراف بأن أن التقشف سيشمل الحد من زيادة في نفقات التسيير التي وصلت الحد الأقصى منذ سنتين. وفي الشق الخاص بالأجور يرى «جودي» بأن الزيادات التي استفاد منها قطاع الوظيف العمومي «بلغت السقف»، ولذلك أعقب هذه العبارة بالتأكيد أن « ما يمكن أن يحدث خلال السنوات القادمة، هو خفض نفقات وعدم تجديد صرف الجزء الثاني من المنح والعلاوات الناجمة عن تطبيق النظم التعويضية المنبثقة عن دخول قانون الوظيف العمومي المعدّل حيز التنفيذ». ومن هذا المنظور أبرز المتحدّث أن الحكومة ستقرّر الشروع فعليا في إجراءات التقشف بمجرد التأكد من إمكانية استمرار الأزمة الركود الاقتصادي في أوروبا والولاياتالمتحدة على المدى الطويل، وذلك استنادا لتحليل المعلومات مجموعة العمل المنصبّة من قبل وزارة المالية منذ 2008 لمتابعة تداعيات أزمة الرهن العقاري في الولاياتالمتحدةالأمريكية والآن تعكف عن مراقبة التطورات في منطقة اليورو ودراسة تداعياتها على الجزائر. كما شدّد «جودي» أن تسجيل برامج جديدة سيأخذ في الحسبان قدرات التمويل وجدواها، وتشمل خطط الحكومة للتعامل مع الأوضاع الجديدة معالجة ارتفاع نسبة التضخم مع تنويع الجباية العادية لتعويض تراجع الجباية النفطية التي تشكل حاليا أكثر. وأوضح أن مصالحه ستقدّم على وضع سلّم أولويات في تنفيذ المشاريع المبرمجة ضمن المخطط الخماسي الحالي، كما أورد أن الحكومة سجلت ميزانية ب 13.6 ألف مليار دينار لتغطية نفقات أكثر من 87 في المائة من مشاريع التجهيز العمومية المسطّرة ضمن المخطط الممتد من 2010 وإلى غاية 2014، ضمن قوانين المالية ل 2010 و2011 و2012. وفي ذات السياق أعلن أنه تبقى ما نسبته أكثر من 10 في المائة من المشاريع غير مسجلة، سيخضع انجازها لسلّم أولويات وتعليق عددا منها، وبعملية حسابية بسيطة فان 103.78 مليار دولار من الاستثمارات العمومية في آفاق 2014، مهدّدة بالتعليق في حالة إقرار الحكومة فعليا لمخططها للتقشف. زهير آيت سعادة * شارك: * Email * Print