أمر الوزير الأوّل، عبد المالك سلاّل، بضرورة «التسليم العاجل» لحوالي 200 ألف سكن عمومي إيجاري مكتمل سواء المبلغ أو غير المبلغ للجان الدوائر، وقد جاء هذا القرار ردّا على مراسلة موقعة من طرف وزير السكن والعمران، عبد المجيد تبون، بداية الشهر الجاري يطلب فيها تدخل رئيس الجهاز التنفيذي لدى ولاة الجمهورية، وسيتمّ تقييم مدى تنفيذ تعليمات سلاّل خلال اجتماع لمجلس الحكومة في آجال أقصاها شهر واحد. حصلت «الأيام» على تفاصيل التعليمة التي بعث بها الوزير الأوّل، عبد المالك سلاّل، قبل أيام إلى وزير الداخلية والجماعات المحلية، دحو ولد قابلية، بخصوص حصيلة تخصيص المساكن العمومية الإيجارية من أجل إبلاغ ولاة الجمهورية بضرورة اتخاذ «إجراءات فورية» لتوزيع 198 ألف و317 مسكن جاهز. واللافت في مراسلة سلاّل التي تحمل رقم «362 م.د/و.أ» أنها استغربت بقاء كل هذه الوحدات السكنية المكتملة «دون تخصيصها للمستفيدين منها في وقت يشهد فيه هذا المجال ضغوطات قوية عبر كامل التراب الوطني». وكان وزير السكن والعمران، عبد المجيد تبون، قد راسل الوزير الأوّل في الفاتح من شهر أفريل الجاري ليطرح عليه هذا الانشغال، محذرا في سياقها من تبعات استغلال بعض الأطراف لملف السكنات المكتملة لتحريك الاحتجاجات الشعبية في عدة ولايات. فكان من الطبيعي بعد هذا الإخطار أن يأتي ردّ مصالح عبد المالك سلاّل سريعا من خلال تكليف وزير الداخلية والجماعات المحلية، دحو ولد قابلية، بمتابعة الملف عن كثب «مع موافاة الوزير الأوّل بعرض الحال»، وزيادة على ذلك أمرت التعليمة ذاتها ب «الإيعاز للولاة لحملهم على القيام بالتوزيع العاجل للمائتي ألف سكن المكتملة المبلغة أو غير المبلغة للجان الدوائر». وفضلا عن «مطالبة الولاة بالقيام على مستوى كل ولاية، بتعيين إطار يكلّف خصيصا بمتابعة هذه العملية»، دعا سلاّل الوزير ولد قابلية إلى وجوب التنسيق مع مصالح عبد المجيد تبون لإنهاء هذه الوضعية في أقرب الآجال، وأشار في تعليمته إلى أنه سيقف على مدى تطبيق توجيهاتها خلال «عرض تقييمي في اجتماع الحكومة، في أجل شهر واحد، حول سير العملية». تنسيق غير مسبوق بين وزارتي الداخلية والسكن واستجابة لتعليمة الوزير الأوّل سارعت وزارتا الداخلية والسكن إلى التحرّك على كافة المستويات من أجل تنفيذ التوجيهات الحكومية، حيث كشفت تعليمة مشتركة موقعة من طرف الوزيرين دحو ولد قابلية وعبد المجيد تبون عن وجود مخزون إجمالي يشمل 198 ألف و317 وحدة سكنية مكتملة مع نهاية شهر مارس الماضي، وهو الرقم الذي قالت عنه التعليمة المشتركة «يُمكن أن يكون محلّ توزيع فوري من قبل لجان الدوائر المختصة تطبيقا لتعليمة الوزير الأوّل»، ولاحظ الجانبان كذلك أنه «من المؤكد أن توزيع المخزون في مدة قصيرة سيقوم بإرساء الطمأنينة لدى المواطنين الطالبين المؤهلين للاستفادة منه». وتضمنت التعليمة الوزارية التي اطلعت عليها «الأيام» توجيهات وأوامر إلى ولاة الجمهورية من أجل تكليف لجان الدوائر «فورا» قصد «الإسراع في وتيرة توزيع هذه السكنات التي تنقسم إلى أربعة فئات». وتفيد الأرقام أن الفئة الأولى تتمثل في 61 ألف و811 وحدة سكنية منتهية ومهيئة «وبالتالي فهي جاهزة لوضعها حيز الاستغلال فورا»، تليها 76 ألف و471 وحدة سكنية منتهية لكن التهيئة على مستواها تبقي في طور الإنجاز «وبالتالي يُمكن وضعها حيز الاستغلال على المدى القصير جدّا». ويُضاف إلى هذه الأرقام 21 ألف و790 وحدة سكنية منتهية على أن تنطلق التهيئة على مستواها «في أقرب الآجال الممكنة» وبالتالي «يُمكن وضعها حيز الاستغلال في نهاية الثلاثي الجاري (قبل شهر جوان المقبل) نظرا لآجال الإنجاز المقبولة عموما لتهيئة مواقع السكنات». إلى جانب فئة رابعة تشمل 38 ألف و245 وحدة سكنية توجد في مرحلة الإنجاز بنسبة تقدّر ب 60 بالمائة وأكثر وبالتالي «من الممكن أن تكون موضوع إجراء تخصيص مسبق كما هو مشار في تعليمة الوزير الأوّل..». استنفار بمصالح تسيير البطاقية الوطنية للسكن ومن خلال ما ورد في تعليمة وزيري الداخلية والسكن فإن هناك مسؤولية كبيرة تقع على عاتق ولاة الجمهورية بالنظر إلى «التحدّيات الجسيمة المرتبطة بالتسريع الامثل لوتيرة توزيع السكنات العمومية الإيجارية ذات الطابع الاجتماعي»، مثلما شدّدت على ضرورة «الاستجابة للطموحات الشرعية للمواطنين المعنيين». وبالمقابل أعطت مصالح وزارة السكن والعمران «تعليمات صارمة» لمصالحها المركزية المكلفة بتسيير البطاقية الوطنية للسكن «قصد معالجة، بالسرعة القصوى، قبل المصادقة على القوائم، طلبات التحقق من توفر شروط الاستفادة التي تقدّم لها». ولفتت التعليمة المشتركة في سياق تقديم عدد من التوجيهات إلى الولاة ورؤساء لجان الدوائر، إلى أنه فيما يخصّ السكنات المنتهية سواء تمّ الانتهاء من تهيئتها أو أن تهيئتها لا تزال في طور الإنجاز أو بصدد الانطلاق فيها فإن الإجراء المطبّق لتوزيعها هو ذلك المنصوص عليه في المرسوم التنفيذي رقم 08/142 المؤرخ في 11 ماي 2008 المحدّد لقواعد منح السكن العمومي الإيجاري، وذكرت التعليمة أن هذا المرسوم «لا يُمكن أن يًشكّل، بأية صفة، عائقا للتسريع المنتظر لوتيرة توزيع السكنات المعنية». وشدّدت الوثيقة ذاتها على أن الآجال المنصوص عليها في المادة الثامنة من المرسوم المذكور «لا يجب أن تُفسّر بصفة محدودة»، بل على العكس من ذلك «يجب تفسيرها بصفة أوسع» أي «بالمفهوم الذي يُمكّن المرقين – وهم دواوين الترقية والتسيير العقاري- بإرسال للولاة وللمدراء الولائيين المكلفين بالسكن قبل آجل ثلاثة أشهر المنصوص عليه، الكشوفات التي تشير إلى قوائم البرنامج التي سيتم استغلالها ومواقعها وكذا رزنامة استلامها»، وبهذا الإجراء سيتمّ السماح للجان المختصة بمعالجة عدد إجمالي من السكنات أكثر أهمية يغطي الفئات الثلاثة الأولى التي تمّ الحديث عنها في تعليمة عبد المالك سلاّل. كما لم تغفل تعليمة وزارتي الداخلية والسكن الإشارة إلى مسألة السكنات التي بلغت نسبة إنجازها 60 بالمائة أو أكثر، حيث تقرّر في هذا الصدد «إعطاء التعليمات فورا» إلى لجان الدوائر قصد الشروع طبقا لنفس الإجراء الانتقائي ساري المفعول في «إعداد قوائم المواطنين المؤهلين الذين سيستفيدون من هذه السكنات عند إتمام إنجازها»، وعليه فإنه «فور تحديد قوائم المستفيدين ومعالجة الطعون (إن وجدت) بصفة مطابقة فإنه يتعيّن على الولاة السهر على إعداد لهؤلاء المستفيدين قرارات التخصيص المسبق التي تضمن لهم في وقت لاحق حيازة موضوع القرارات المعنية بمجرّ الانتهاء منها وتهيئة مواقع إقامتها..».