يختار الله سبحانه وتعالى من بين خلقه فريقا من البشر ليكونوا نموذجا للكمال وعنوانا للفضل وحملة لمشاعل النور والضياء وقادة لركب الحضارة الإنسانية، حيث يصطفيهم ليكونوا هداة ومصلحين، وهنا يكون جل ثناؤه قد اختارهم على علمه ورباهم على عينه وشرفهم بأكمل الصفات فجعلهم أئمة الدنيا والدين، وهؤلاء الصفوة المختارة من عباد الله هم الأنبياء والمرسلون الذين شرفهم الله بالنبوة وأعطاهم الحكمة ورزقهم قوة العقل وسداد الرأي، وبين النبي والرسول فرق، فالنبي هو إنسان من البشر أوحى الله تعالى إليه بشرع ولكنه لم يكلف بالتبليغ، أما الرسول فهو إنسان من البشر أوحى الله تعالى إليه بشرع وأمر بتبليغه، فالرسالة إذن أعلى مرتبة من النبوة، لأن كل رسول نبي وليس كل نبي رسول، وعدد الأنبياء لا يحصي أما الرسل فهم قلة، والذين ذكروا في القرآن الكريم يجب الإيمان بهم تفصيلا وهم خمسة وعشرون وكلهم من الرسل وهم: آدم، نوح، إبراهيم، إسماعيل واسحاق، يعقوب، داود، سليمان، أيوب، يوسف، موسى، هارون، زكريا، يحيي، إدريس، هود، شعيب، صالح، لوط، إلياس، اليسع، ذو الكفل، عيسي ومحمد صلوات الله عليهم أجمعين، وهؤلاء يجب الإيمان بهم تفصيلا، بمعنى أنه يتعين التصديق برسالتهم بأشخاصهم وأسمائهم لأنهم ذكروا في القرآن الكريم، أما بقية الأنبياء فيجب الإيمان بهم جملة، بمعنى أن نصدق بأن هناك أنبياء غير هؤلاء الذين ذكروا في القرآن لقوله تعالى "ورسلا قد قصصناهم عليك من قبل ورسلا لم نقصصهم عليك وكلم الله موسي تكليما"، أما الدليل على أن الرسل الكرام مأمورون بتبليغ الرسالة وأنهم يختلفون عن الأنبياء في هذه النقطة بالذات فهو قوله تعالى "الذين يبلغون رسالات الله ويخشونه ولا يخشون أحدا إلا الله وكفى بالله حسيبا" وقوله مخاطبا سيد الرسل "يا أيها الرسول بلغ ما أنزل إليك من ربك وإن لم تفعل فما بلغت رسالته والله يعصمك من الناس إن الله لا يهدي القوم الكافرين".