''عندما كان المسلمون العالم الأول، بلغة عصرنا، كانت شمائلهم الروحية والاجتماعية تبوئهم هذه المكانة، دون افتعال أوادعاء، وكان سائر الخَلق يرمقهم بمهابة وإعزاز لأنهم كانوا الأذكى والأرشد والأقوى، لكن من الذي منحهم هذه الخصائص، وهي سجايا لم تكن معروفة فيهم؟ إنه الإسلام وحده، لقد أقبلوا عليه وأسلموا زمامهم له فجعلهم أئمة في الأرض، كانوا ينتمون إليه وحده، ويستمدون منه وحده، ويغالون به مغالاة مطلقة، وقد يجتهدون فيخطئون، وقد ينطلقون فيتيهون، وتلك طبيعة البشر، لكنهم تعلموا من نبيهم ص هذه الحكمة ''سددوا وقاربوا'' متفق عليه، و''استقيموا ولن تحصوا'' (رواه ابن ماجه وأحمد ومالك)، فكانت حصيلتهم الإنسانية بعد الخطأ والصواب والشرود والاستقامة أربى من غيرهم وأثقل في موازينهم• وكانت أمتنا عنواناً ضخماً على حقيقة كبيرة: حقيقة اجتماعية وسياسية تعني الحضارة الأجدى والثقافة الأوسع، وكان جهادنا يعني أن العالم يأخذ بيد الجاهل، وأن المتقدم يأخذ بيد المتخلف• ومن روح القرآن، ومن رونق الفطرة الساري في تعاليمه كان العالم الإسلامي الكبير هو العالم الأو