الأيام الجزائرية ( وكالات): ما زالت تداعيات الأزمة المالية العالمية تلقي بظلالها على الاقتصاد العالمي، ورغم علامات الانتعاش التي بدت واضحة في الاقتصاد المتقدمة إلا أن تنبيهات خبراء الاقتصاد تتوالى بأن المخاطر ما زالت باقية. فقد كتبت فايننشال تايمز أن علامات الانتعاش الاقتصادي العالمي بدت واضحة في أنحاء المعمورة، لكن خطر حدوث ركود مزدوج الانخفاض (ركود يتصف بفترة متوسطة وجيزة من الانتعاش الاقتصادي) ما زال باقيا. ففي الأسابيع الأخيرة أبلغت الولاياتالمتحدة ومنطقة اليورو واليابان عن نمو اقتصاداتها مرة أخرى في الربع الثالث. وهناك بعض الاقتصادات المعتمدة على التجارة بدأت تسجل أرقاما قياسية وهي تنهض بسرعة. كما أن سنغافورة نعمت بأسرع زيادة في الدخل القومي على مدار الستة أشهر الماضية منذ بدء السجلات ربع السنوية عام 1975. ولكن رغم أن هذا الانتعاش حقيقي فإن الجروح المتخلفة عن الركود العالمي حقيقية أيضا. وسيكون بعضها دائم وكثير منها سيندمل ببطء شديد. فمن الإنتاج العالمي المتدني أكثر مما كان متوقعا قبل الأزمة ومرورا بالموارد المالية العامة الواهنة جدا، إلى شرور البطالة الطويلة الأمد وإلى عدم المساواة المتزايدة وإلى ميزان قوة اقتصادية عالمية دائم التغير، هناك تشابه بين تأثيرات الأزمة المالية لعام 2008-2009 وتلك الخاصة بحرب ما. وضربت الصحيفة مثلا بالبطالة الإسبانية التي بلغت نحو خمس القوة العاملة مع عجز موازنة من المتوقع أن يصل إلى 10% من الدخل القومي، وأن هذا مجرد إرث واحد لثقافة النمو المعتمد على الائتمان السهل الذي أعقبه انهيار العام الماضي. وأشارت إلى أن صندوق النقد الدولي، بعد سبع سنوات، وجد أن ثلاث قوى منفصلة ومتساوية في الحجم تتجه إلى منع الاقتصادات من الارتداد إلى توجهاته قبل الأزمة. الأولى: أن معدل التوظيف أقل، بعدما امتص ازدهار ما قبل الأزمة العمالة في أجزاء من الاقتصاد، كتشييد المساكن في الولاياتالمتحدة، التي لم تعد مطلوبة بأعداد كبيرة. كما أن إعادة تأهيل العمالة عبر القطاعات يأخذ وقتا وإذا ما استمرت الزيادة الأولية في البطالة فإن الموظفين السابقين يفقدون مهاراتهم واتصالهم وارتباطهم بالعمل، وهذه الخسائر دائمة. الثانية: أسهم رأس المال تتلقى لطمة دائمة مع التخلي عن بعض المصانع والمعدات قبل الأوان، بينما تصارع شركات أخرى للاستثمار في مشروعات قابلة للنمو لأن البنوك تقيد الائتمان لتعزيز مواردها المالية. الثالثة: العمالة ورأس المال يميلان للاندماج لإنتاج أقل من ذي قبل، ربما لأن الشركات الإبداعية لا تستطيع جمع رأس المال أو كما يقول صندوق النقد الدولي، الإنتاجية قد تعاني أيضا بسبب قلة الإبداع لأن الإنفاق على البحث والتطوير يميل للتراجع في الأوقات العصيبة. وهذه التأثيرات كانت مهمة بصفة خاصة للدول التي كانت معدلات الاستثمار فيها عالية قبل الأزمة. وفي سياق متصل أيضا حذر صندوق النقد الدولي -بحسب إندبندنت- أنه رغم ما يشهده العالم من انتعاش اقتصادي فإن المخاطر ما زالت باقية. وقال إن الاقتصادات العالمية المتقدمة عادت إلى النمو الإيجابي لأول مرة منذ ربيع العام الماضي، لكنه نبه إلى ضرورة عدم التسرع في سحب صفقات الحفز الاقتصادي. وأضاف صندوق النقد أن الاقتصاد مستقر ويتحسن لكنه ما زال عرضة لأي هجوم، ومن الصعب الادعاء بأن الأزمة قد انتهت في حين أن البطالة قد بلغت مستويات تاريخية وما زالت تزداد.