صدر حديثا عن الهيئة المصرية العامة للكتاب، كتاب جديد للباحث «لويس عوض»، يحمل عنوان "ثورة الفكر في عصر النهضة الأوروبية"، ويتناول هذا الإصدار مجموعة من الدراسات التي تكشف مقوّمات عصر النهضة الأوربية، حيث رسم مرحلة ما بعد السّلطة الكنسية على أنها فترة فاصلة في تاريخ الغرب. يحاول كتاب "ثورة الفكر في عصر النهضة الأوروبية" تناول أهم الدعائم التي قامت عليها النهضة الأوربية مثل روح الاستكشاف والمغامرة والاقتحام التي تجلّت في أسفار «ماركو بولو»، وهو أشهر رحالة أوربي والتي حرّكت الوجدان الأوربي قرونا طويلة، وفي مداخلته ينقل الباحث الصورة الغربية بسطحية رؤية وبراءة تصوّر، آخذا مختلف المحطات إلى هدف واحد هو نهاية المدَنيّة الغربية القائمة على المُنجز المادي والتقني. تطرّق الكتاب إلى ظاهرة الدولة القومية القائمة من أنقاض السلطة الدينية التي تمثلت دعامتها النظرية في «دانتي اليجيري» و«بترارك» وفي «مايكل انجلو مكيافيللى» و«جاليليو» و«ليوناردوا دافنشي»، وهي في وجهها الناضر وراء كل حركات التحرير الوطني منذ «جان دارك»، أم الشهداء الوطنية في العالم الحديث الغربي، وفي وجهها الكريه وراء العنجهيات القومية والعنصرية والدينية ووراء بحار الدماء التي خضبت وجه الأرض منذ آلاف السنين وحالت ولا تزال تحول دون قيام مجتمع دولي ترفرف عليه رايات الحرية والمساواة والعدل والسلام، فضلا عن انتصار اللّهجات الشعبية على اللغة الفصحى (اللاتينية) وتحوّلها إلى لغات حيّة مزدهرة بالآداب الخصبة بثمار القلب والعقل بعد ألف عام من العقم الكنسي الذي قتل الآداب والفنون والعلوم وخنق لغة الشعب وجرم ترجمة الكتاب المقدس إليها حتى يحتكر الكهنة فهم نصوص الدين وتفسيرها للملايين من بسطاء المؤمنين، ويؤكد الكتاب أن هذه اللغات الشعبية التي أينعت في أدب «دانتي» و«بترارك» و«بوكاشيو» في الآداب الأوربية الأخرى، كان انتصارها على اللاتينية الفصحى مقدمة لازمة لحركة الإصلاح الديني لأنها أشركت الجماهير في قراءة نصوص دينها وفهمها ومناقشتها وكانت بمثابة مقدمة لازمة لاتساع قاعدة الديمقراطية لأنها أشركت الجماهير في قراءة نصوص القانون والسياسة بعد أن كانت كالتعاويذ لا يفهمها إلا الصفوة، لأنها كانت محنّطة في اللغة اللاتينية الفصحى، وكذلك انتصارات الفنون التشكيلية التي بدأت بفناني «الكواتروتشنتو» وبلغت قمّتها في روائع «ليوناردو دافنشي» و«رفاييل» و«مايكل أنجلو» بعد ألف عام من انقراض التصوير والنّحت، فلم يبق من الفنون التشكيلية إلا فن العمارة لحاجة الكنيسة إلى بناء الكاتدرائيات ولحاجة أمراء الإقطاع لبناء القصور والقلاع، أما التصوير والنّحت فقد ازدراهما الشعور الديني لأنهما يذكران بالوثنيات الأولى، كما أشار الكتاب إلى رد اعتبار الإنسان ورد اعتبار الحياة الدنيا بعد ألف عام من العصور الوسطى، حيث ملأت أوروبا بالأديرة وأقنعت البسطاء أن نصيبهم في ميراث الأرض هو حرثها وزرعها لأمراء الإقطاع وأن ميراثهم الحقيقي هو ما كان يسميه «حسين فوزي» "القيراط ال25"، وجاء «لورنزو دي مديتشي» و«بيكو ديللا» و«ارازموس» ليدحضوا ذلك، ثم جاء «كامبانيللا» ليتصور إمكان بناء المدينة الفاضلة على الأرض، وقد أجمع الجميع على رد اعتبار الحضارات "الجاهلية"، سيما حضارة اليونان والرومان لأنها حضارات اعترفت بالإنسان والحياة وبكل ما تحت الشمس، وكانوا يقولون بكل ما تحت القمر كلهم، إلا ذلك الراهب العجيب «سافونارولا».