قرر مئات “الإسلاميين” الليبين المناصرين لتطبيق الشريعة، التحول إلى العمل الدعوي غير المسلح في البلاد من أجل المحافظة على “مكتسبات وثوابت الثورة” التي أطاحت حكم العقيد معمر القذافي. وفي تجمع عقد في بنغازي شرق ليبيا، أعلن مئات من هؤلاء “الإسلاميين” تأسيس مؤسسة مدنية دعوية أطلقوا عليها اسم “التجمع الإسلامي لتحكيم الشريعة”. وقرر قرابة ألف “إسلامي” تجمعوا في مسجد الأنصار وسط المدينة ترك خلافاتهم والتكتل لتحقيق عدة أهداف متفق عليها بينهم على رأسها “العمل على تحكيم شرع الله ليكون واقعا معاشا في البلاد”. وقالوا في بيان تأسيس التجمع “قمنا على اختلاف توجهاتنا بالاتحاد والعمل على تحقيق القدر المتفق عليه بيننا”، مؤكدين على “ترك التفرق والتنازع المفضي إلى الفشل”. وجاء إعلان تأسيس هذا التجمع بعد انتفاض مئات من سكان بنغازي نهاية الشهر الماضي على الميليشيات المسلحة وتمكنهم من إخراج مجموعات “إسلامية” عدة من قواعدها بعد معارك أسفرت عن سقوط العديد من القتلى والجرحى. وتظاهر عشرات الآلاف من الليبيين سلميا في بنغازي احتجاجا على سيطرة الميليشيات المسلحة بعد عشرة أيام من الهجوم على القنصلية الأمريكية في 11 سبتمبر الماضي الذي أودى بحياة السفير الأمريكي لدى ليبيا كريس ستيفنز وثلاثة أمريكيين آخرين. وقال الشيخ أحمد الزليتني الذي كان أحد القادة الميدانيين للثورة واختير منسقا عاما للتجمع في تصريحات لوكالة الأنباء الفرنسية إن “الفكرة من التجمع جاءت بعد الحملة التي شنت على الثوار بشكل عام والإسلاميين منهم بشكل خاص”. وأكد الشيخ الزليتني على أهمية “توحيد صف الشباب الإسلامي وصف الكلمة بينهم ورؤيتهم وتقديم مشاريع عملية بخصوص جملة من الأهداف وأبرزها تحكيم شرع الله”، مشددا على أن “كل التيارات الإسلامية والفكرية باختلاف مناهجها ومشاربها وتوجهها ووسائلها تلتف” حول هذا الهدف، مضيفا “خضنا جدالا كبيرا وورش عمل مطولة لأكثر من أسبوعين واصلنا فيها الليل مع النهار من أجل توحيد الصف وجمع شمل الشباب الإسلامي في أمور متفق عليها ويمكنهم أن يتعاونوا عليها فيما بينهم”. من ناحية أخرى، تعمل السلطات الليبية جاهدة على كبح جماح المليشيات المسلحة، في ظل دعوات شعبية عامة في البلاد من أجل سيطرة الحكومة على المليشيات المنقسمة،. وأوضحت صحيفة “نيويورك تايمز” الأمريكية في عددها الصادر أمس، أن عشرات من المليشات المتفرقة لا تزال هي قوة الشرطة الفعلية الوحيدة في ليبيا، لكنها تقاوم بضراوة السيطرة الحكومية. وأضافت الصحيفة أن هذا الأمر يصعب على السلطات الليبية والولايات المتحدة عملية إلقاء القبض على المهاجمين الذين قتلوا السفير الأمريكي لدى ليبيا كريستوفر ستيفنز بعد مرور شهر على مقتله. وذكرت الصحيفة أن ترويض الميليشيات هو اختبار مفصلي في محاولة ليبيا بناء ديمقراطية بعد أربعة عقود من الديكتاتورية تحت حكم العقيد الراحل معمر القذافي، مضيفة أن الحكومة الانتقالية في البلاد استعصى عليها تهذيب سلوك المليشيات التي تعتمد عليها في توفير الأمن في البلاد، ما جعل ليبيا دولة ينعدم فيها تطبيق القانون. وأشارت الصحيفة إلى أن هذه المشكلة أصبحت ملموسة في سباق انتخابات الرئاسة الأمريكية، حيث يقول الجمهوريون إن فشل إدارة الرئيس الأمريكي باراك أوباما في حماية السفير الأمريكي يظهر انهيار سياساتها في المنطقة.