دعت أحزاب تونسية معارضة خلال مسيرة سلمية وسط العاصمة، إلى استقالة وزير الداخلية علي العريض ووقف “العنف السياسي” في البلاد. وشاركت أحزاب ما يسمى ب”الترويكا المعارضة” في تونس، وتشمل أساسا ثلاثة أحزاب معارضة كبرى وهي “حركة نداء تونس” و”الجمهوري” و”لمسار” إضافة إلى حزب الجبهة الشعبية في مسيرة احتجاجية في شارع الحبيب بورقيبة وسط العاصمة للتنديد ب”العنف السياسي”.وتأتي المسيرة بعد أيام قليلة من وفاة ممثل حزب حركة نداء تونس، رئيس الاتحاد الجهوي للفلاحة والصيد البحري، لطفي نقض، بمحافظة تطاوين (جنوب البلاد)، إثر أعمال عنف وجهت فيها أصابع الاتهام إلى أعضاء لجنة حماية الثورة، وأنصار للائتلاف الحاكم الذي تقوده حركة النهضة. وردد الآلاف من المتظاهرين شعارات مناهضة للعنف والائتلاف الحاكم ومطالبة بالحرية والتشغيل. وحضر العشرات من أنصار حركة النهضة في شارع الحبيب بورقيبة ورددوا بدورهم شعارات مؤيدة للائتلاف الحاكم. وحال الحضور الأمني المكثف دون حدوث احتكاك بين الطرفين. ومن جانبه، قال إياد الدهماني، عضو الحزب الجمهوري النائب في المجلس الوطني التأسيسي المشارك في المسيرة في تصريحات لوكالة الأنباء الألمانية “التونسيون لن يسكتوا على مظاهر العنف السياسي وتوظيف وزارة الداخلية من قبل الحزب الحاكم وتحديدا حركة النهضة”، مضيفا “نطالب بحل لجان حماية الثورة، واستقالة وزير الداخلية وتعيين شخصية وطنية محايدة للإشراف على الجهاز الأمني”. ودأبت الأحزاب المعارضة ومنظمات من المجتمع المدني على توجيه الاتهامات إلى وزارة الداخلية التي يرأسها العريض عن حركة النهضة بالتغاضي عن العنف السياسي في البلاد والتشجيع عليه ضمنا. كما توجه انتقادات إلى العريض ب”مهادنة” الجماعات السلفية المتطرفة في تونس وعنف اللجان الثورية. وقال أحمد نجيب الشابي، المعارض البارز النائب في المجلس التأسيسي عن الحزب الجمهوري للوكالة ذاتها “العنف المستشري كلف تونس ثمنا باهظا على مستوى صورتها بالخارج لأنها باتت مدرجة على القائمة السوداء وكل هذا بسبب تهور وزارة الداخلية”. وإلى جانب إيقاف نزيف العنف تطالب المسيرة التي تسبق الذكرى الأولى لمرور عام على انتخابات 23 أكتوبر، أيضا الائتلاف الحاكم بتسريع الاستحقاقات السياسية للمرحلة الانتقالية، وتعزيز الحوار الوطني لتفادي الاحتقان في البلاد. وتعد هذه المسيرة أول التقاء سياسي ل”ترويكا المعارضة”، وتقول قياداته إنها لا يمكن أن تكون جبهة سياسية موحدة، ولكنها تلتقي حول مجموعة من النقاط السياسية وقد تسعى إلى تكوين ائتلاف انتخابي محدد بمدة الانتخابات الرئاسية والبرلمانية القادمة. وشارك في هذه المسيرة حسب مصادر أمنية قرابة ألفي شخص. واعترض مناصرو حركة النهضة على مشاركة حركة نداء تونس في تنظيم المسيرة المناهضة للعنف السياسي ورفعوا في وجوه المشاركين شعار “أعداء الثورة”. في السياق ذاته، يشهد الشارع التونسي انقساما بشأن مرور سنة على انتخابات 23 نوفمبر الماضي. فبينما دعت المعارضة إلى الاحتجاج، قالت أحزاب الائتلاف الثلاثي الحاكم إنها مناسبة للاحتفال بذكرى إجراء أول انتخابات ديمقراطية في البلاد. وقال عامر العريض، رئيس الدائرة السياسية لحركة النهضة، إن يوم 23 أكتوبر هو يوم تونسي مميز وليس كباقي الأيام، وعلى التونسيين أن يحتفلوا بهذا اليوم الذي يؤرخ لانتصار الديمقراطية على الديكتاتورية، على حد تعبيره. وأوضح في تصريحات لصحيفة “الشرق الأوسط” إن هذا اليوم هو يوم عيد بالنسبة لكل من يؤمن بالتداول السلمي على السلطة، ولكل من يدعم الثورة التونسية. من ناحية أخرى، دعا الرئيس التونسي المنصف المرزوڤي الأحزاب السياسية في بلاده أمس، إلى وقف تبادل “إطلاق النار الإعلامية” للحفاظ على “الوحدة الوطنية” للبلاد. وقال المرزوڤي في خطاب أمام المجلس الوطني التأسيسي في احتفال بمرور عام كامل على انتخابات 23 تشرين 2011 التي تعتبر أول انتخابات حرة في تاريخ تونس، أن “مصلحة الوطن تقتضي في هذا الظرف الدقيق وقف إطلاق النار الإعلامية بين الأطراف السياسية”، مضيفا أن “التخوين والشيطنة لأي طرف كان والتحريض والقدح في الأشخاص، أكبر عوامل الاحتقان في بلادنا اليوم”. وذكر بمقتل ناشط سياسي في حزب معارض الخميس الماضي خلال مواجهات بمدينة تطاوين (600 كلم جنوب العاصمة). ودعا المرزوڤي إلى “رفض تقسيم التونسيين إلى أشرار وأخيار، مفسدين ومصلحين، ثوريين ورجعيين، علمانيين وإسلاميين، حداثيين وسلفيين، أي في آخر المطاف لتونسيين من درجة أولى وتونسيين من درجة ثانية”.