يعتبر فيلم “يما” لمخرجته الجزائرية جميلة صحراوي، واحدا من الأفلام التي تحاول رسم صورة عن مظاهر العنف الدموي وسنوات الإرهاب التي عاشتها الجزائر، حيث يتناول “تراجيديا” الأم الجزائرية التي تفقد أبناءها، وتؤدي المخرجة في تجربتها الأولى للتمثيل دور الأم الثكلى “وردية”. ويركز هذا العمل الذي يعرض اليوم ب “قاعة ابن زيدون” في العاصمة بداية من الساعة السابعة مساء، على العوالم النفسية للشخصيات، ويظهرها بالنظرة وحركة الجسد أكثر منه في الكلام. وتعلق المخرجة على هذا قائلة “أعمل على الأشياء التي تهمني فقط، وأحب السينما التي أصنعها وأهتم بالمشاهد كشريك، وألجأ إلى خيالي لكتابة قصة خاصة تستفيد من معطيات الواقع”. ويروي فيلم جميلة صحراوي التي تؤدي فيه الدور الأساسي، وقائع السنوات الأخيرة بالجزائر وردّ فعل المواطنين خاصة النساء منهم لتجاوز هذه المرحلة الصعبة. وتعيش الأم “وردية” في منزل متواضع معزول عن المدينة، تحمل ماضيا أليما فأحد أبنائها “طارق” جندي مدفون قرب المنزل، وثانيهما علي، وهو إرهابي متهم بقتل أخيه. ورغم الألم تقاوم “وردية” بإيمان وشجاعة لتسترجع حقها في الحياة من السعادة والأمل. وشيئا فشيئا، تسترجع حديقة المنزل ازدهارها، تلك الحديقة التي ترك فيها علي أمه مع رجل فقد ذراعه لما كان في الجبل لمواساتها في ثباتها كما في عنادها. ثم تستقبل “وردية” رضيعا ماتت أمه التي أحبها أبناؤها في الماضي، فبين قدوم الطفل وازدهار المكان نرى بوادر الأمل تطل عليها إلى غاية عودة علي مصابا بجروح بليغة. وتقدم جميلة صحراوي هنا عملا سينمائيا حساسا يندرج بين الواقعية والرمزية، في حين كانت المخرجة أنجزت العديدة من الأفلام الوثائقية تحصلت من خلالها على عدد من الجوائز في المهرجانات الدولية وفرضت نفسها بجدارة كممثلة للسينما الجزائرية الحالية. من ناحية أخرى، ولدت جميلة صحراوي سنة 1950 بمنطقة “تزمالت”، وعاشت في فرنسا منذ عام 1975، حيث درست الإخراج والتأليف في معهد الدراسات السينمائية العالية في باريس. وسبق لجميلة أن أخرجت أفلاما وثائقية قصيرة مثل “أن تبلغ الألفي عام في جبال أوراس” (1990) و”اسمي ماريان” (1992). كما قدمت عرضا تاريخيا للمجتمع الجزائري في”نصف سماء الله” ((1995 والفيلم الوثائقي الطويل “الأشجار تنمو أيضا في بلاد القبائل”الذي تم تصويره في “تزمالت”. ويعتبر “بركات” المنتج سنة 2006؛ أول أفلامها الروائية الطويلة.