مازال النجم الأرجنتيني الشاب ليونيل ميسي في الخامسة والعشرين من عمره لكنه تفوق على العديد من أساطير كرة القدم على مدار التاريخ، لتصبح الخطوة التالية له هي أن يعتلي قمة عظماء الساحرة المستديرة. وأحرز ميسي أمس الاثنين جائزة الكرة الذهبية ليصبح أول لاعب في التاريخ يفوز بالجائزة أربع سنوات متتالية محطماً بذلك رقماً قياسياً جديداً. وأصبحت الخطوة التالية المتوقعة لهذا اللاعب الفذّ أن يقفز على عرش أساطير اللعبة، وأن يتصدر قائمة العظماء في عالم الساحرة المستديرة، بعدما أثبت مكانته بين أبرز هذه الأساطير وهو لايزال في هذه السن المبكرة. وتصدر ميسي استفتاء الاتحاد الدولي للعبة (فيفا) ومجلة “فرانس فوتبول” الفرنسية الرياضية لاختيار أفضل لاعب في العالم لعام 2012 متفوقاً على البرتغالي كريستيانو رونالدو مهاجم ريال مدريد الإسباني وأندريس إنييستا زميل ميسي في فريق برشلونة الإسباني. وتوّج ميسي بالجائزة بعدما حصد 6ر41 بالمئة من الأصوات في هذا الاستفتاء الذي يشارك فيه مدربو المنتخبات الوطنية لجميع دول العالم وقادة هذه المنتخبات إضافة لعدد كبير من الصحافيين. وحلّ رونالدو في المركز الثاني بنسبة 68ر23 بالمئة مقابل 91ر10 بالمئة لإنييستا الذي احتل المركز الثالث. ولم يسبق لأي لاعب أن توج بالجائزة أربع مرات علماً بأن الفرصة قد تكون سانحة لفوزه مجدداً بالجائزة في السنوات المقبلة. وقبل 12 شهراً فقط، عادل ميسي إنجاز الثلاثي الهولندي يوهان كرويف والفرنسي ميشيل بلاتيني والهولندي الآخر ماركو فان باستن الذين سبق لكل منهم الفوز بالجائزة ثلاث مرات، حيث أحرز الجائزة للمرة الثالثة كما أصبح ثاني لاعب فقط بعد بلاتيني يفوز باللقب ثلاث مرات متتالية. وأحرز بلاتيني، رئيس الاتحاد الأوروبي للعبة (يويفا) حالياً، الجائزة بين عامي 1983 و1985 وفشل في الفوز بها لمرة رابعة. لكن النجم الأرجنتيني اجتاز كرويف وبلاتيني وفان باستن وغيرهم من أساطير اللعبة من خلال الجوائز العديدة التي حصدها والألقاب التي حققها والأرقام القياسية التي حطمها. وأصبح بحاجة إلى مواصلة تقديم نفس المستوى ليهز عرش الأسطورة البرازيلي بيليه والأسطورة الأرجنتيني دييغو مارادونا باعتبارهما أفضل الأساطير في تاريخ الساحرة المستديرة. ويضاعف من فرصة ميسي في ذلك أنه حقق إنجازاته في سن مبكرة عما سبقوه من أساطير اللعبة. وتساءلت إذاعة “ماركا” الإسبانية أمس: “كم عام آخر سيحصد فيها ميسي الجائزة، خمس أم ست سنوات أخرى؟ سيكون هذا مدهشاً وتاريخياً ولا يمكن تصديقه”. وفاز كرويف وبلاتيني وفان باستن وكذلك كل من الألمانيين فرانز بيكنباور وكارل هاينز رومينيجه والإنكليزي كيفن كيجان والأسباني ألفريدو دي ستيفانو، الذين فاز كل منهم بالكرة الذهبية مرتين، بجوائزهم بعد تجاوز منتصف العشرينيات من عمرهم، حيث يفترض دائماً أن يصل اللاعب لقمة العطاء ما بين الخامسة والعشرين والثلاثين من عمره. وأوضحت إذاعة “راك1″ الكتالونية أن “ما من أحد يعرف الحد الذي سيصل إليه هذا العبقري المدهش (ميسي). سيحطم بالتأكيد العديد من الأرقام القياسية في القريب العاجل وسيعرف بعد ذلك بأنه الأعظم في التاريخ”. ووصفت صحيفة “ماركا” الأسبانية الرياضية ميسي أمس بأنه “الأعظم في التاريخ” بينما وصفته صحيفة “آس” الأسبانية الرياضية بأنه “الأفضل” لتكون واحدة من المرات النادرة التي تنهال فيها الإشادة على لاعب ببرشلونة من قبل وسائل الإعلام في العاصمة الأسبانية مدريد. وأثار ميسي الدهشة أمس أيضا بتأكيده على أن عام 2012 لم يكن الأفضل بالنسبة له رغم تحطيمه الرقم القياسي لعدد الأهداف التي يسجلها أي لاعب في عام ميلادي واحد على مدار تاريخ اللعبة وهو الرقم الذي ظل صامدا على مدار 40 عاما. وأحرز ميسي 91 هدفا في 2012 ليحطم رقم الأسطورة الألماني جيرد مولر الذي سجل 85 هدفا في عام 1972 . كما سجل ميسي 50 هدفا لبرشلونة في الدوري الأسباني بالموسم الماضي وهو رقم قياسي جديد حققه اللاعب في عام 2012 حيث أصبح أكبر رصيد لأي لاعب في موسم واحد بالدوري الأسباني. ومع كثرة الأرقام القياسية والإنجازات التي يحققها ميسي وتواليها بسرعة فائقة ، أصبح منطقيا أن يدور الحديث عما يتبقى له ليحققه في السنوات المقبلة ليتفوق على الجميع في كل شيء. ويقترب ميسي تدريجيا من تحطيم الرقم القياسي للنجم الأسباني الشهير راؤول جونزاليس في عدد الأهداف التي يسجلها أي لاعب ببطولة دوري أبطال أوروبا حيث أحرز ميسي 56 هدفا مقابل 71 هدفا لراؤول. كما يقترب ميسي تدريجيا من تحطيم الرقم القياسي لعدد الأهداف التي يسجلها أي لاعب في تاريخ الدوري الأسباني حيث سجل ميسي حتى الآن 196 هدفا في المسابقة بفارق 55 عن تيلمو زارا نجم أتلتيك بلباو السابق والذي سجل 251 هدفا في المسابقة بين عامي 1940 و1955 . ويحتل ميسي حاليا المركز الثامن في قائمة أفضل الهدافين بتاريخ المسابقة. وقاد ميسي فريق برشلونة للقب دوري أبطال أوروبا ثلاث مرات وهو لا يزال في هذه السن المبكرة ليقترب أيضا من تحطيم الرقم القياسي للنجم السابق فرانسيسكو خينتو الذي قاد ريال مدريد للقب البطولة ست مرات في منتصف القرن الماضي. ولكن الفجوة المهمة التي يحتاج ميسي إلى سدها تكمن في نجاحه مع المنتخب الأرجنتيني حيث يحتاج اللاعب إلى الفوز مع الفريق بأي لقب وخاصة بلقب بطولة كأس العالم ليتفوق على مواطنه مارادونا الذي قاد الفريق للفوز بلقب المونديال عام 1986 بالمكسيك. وفي عام 2004 ، كان ميسي لا يزال ناشئا واعدا في السابعة عشر من عمره حيث حاول المسئولون في أسبانيا ضمه إلى المنتخب الأسباني للشباب (تحت 18 عاما) بعدما أقام اللاعب في برشلونة لمدة خمس سنوات وتخرج في مدرسة الناشئين الأسطورية “لا ماسيا” بنادي برشلونة. ولكن ميسي قرر أن يحتفظ بالولاء لبلده الأصلي. وربما يكون هذا هو القرار الذي يندم عليه ميسي أحيانا في ظل الهيمنة التامة للكرة الأسبانية على أوروبا والعالم في السنوات الخمس الماضية وفوز المنتخب الأسباني بلقبي يورو 2008 و2012 إضافة للقب كأس العالم 2010 بجنوب أفريقيا بينما تعاني الكرة الأرجنتينية ومنتخبها منذ سنوات رغم وجود ميسي في صفوف الفريق. ورغم ذلك ، أوضح ميسي أمس أن النجاح مع المنتخب الأرجنتيني يأتي في مقدمة أولوياته في الفترة المقبلة. كما قال ميسي :”أهتم بشكل أكبر بإحراز الألقاب مع فريقي أكثر من الفوز بالجوائز الشخصية.. هدفي مع المنتخب الأرجنتيني هو مواصلة تطوير مستوى الأداء. نحن نمر حاليا بفترة حركة إيجابية. يتعين علينا التأهل لكأس العالم 2014 بأسرع وقت ممكن حتى يكون لدينا الوقت الكافي للاستعداد قبل النهائيات”.