سيصدر قريبا في الجريدة الرسمية، التنظيم المتعلق بتعزيز إجراءات مكافحة تبييض الأموال وتمويل الإرهاب يمسّ البنوك والمؤسسات المالية والمصالح المالية، وكذا مؤسسة بريد الجزائر، حيث أصدر بنك الجزائر تفاصيل هذا التنظيم الموّجه للمؤسسات المالية في الجزائر لتفادي وقوعها ضحية أو تواطئها حتى ولو بصفة غير متعمدة مع هؤلاء الذين ينتهجون هذه الممارسات المالية غير القانونية، وذلك يعود في كثير من الحالات إلى جهلهم بالقوانين والإجراءات القانونية المعمول بها في هذا الخصوص. وحسب ما جاء على موقع بنك الجزائر حول التنظيم رقم 12-03 الذي صدر في 28 نوفمبر 2012 المتعلق بمكافحة تبييض الأموال وتمويل الإرهاب، فإن هذا التنظيم سيتم اعتماده بعد صدوره مباشرة في الجريدة الرسمية، حيث يتضمن التنظيم 29 مادة تنص على مختلف الإجراءات التي يجب إتباعها في هذا الخصوص، تتمحور حول دعوة البنوك والمؤسسات المالية ومؤسسة بريد الجزائر إلى توخي اليقظة عملا بالقانون رقم 05-01 المؤرخ في 6 فيفري 2005 المتعلق بالوقاية ومكافحة تبييض الأموال وتمويل الإرهاب، ويستوجب عليها وضع برنامج كتابي للوقاية والكشف عن كل الممارسات المشبوهة في التعاملات المالية ووضع إجراءات المراقبة وطرق منهجية لكيفية معرفة الزبائن والتكوين لفائدة عمال هذه المؤسسات، بحيث يجب أن تتوفر هذه المؤسسات على إجراءات ومعايير داخلية حول معرفة الزبائن معرفة جيدة والمراقبة والمتابعة المستمرة لتحركات حسابات هؤلاء الأشخاص، ومنع بنك الجزائر على المؤسسات المالية فتح الحسابات المجهولة أو المرقمة. كما يجب أن تتوفر هذه المؤسسات على نظام إنذار على العمليات المالية غير الغير طبيعية والغير عادية والمشبوهة لا سيما تلك التي ليس لها أي مبرر اقتصادي والتجارية التي يُمكن تداركها. ويأتي هذا الإجراء بعد تسجيل مصالح الأمن ومعالجة المحاكم المختصة عدة قضايا ضد بنوك تمت مراقبتها وعلى متعاملين اقتصاديين، حيث أظهرت خلية الاستعلام المالي لمكافحة تبييض الأموال وتمويل الإرهاب التي تقوم بعمليات المراقبة أن العديد من المؤسسات المالية ارتكبت مخالفات في مجال الوقاية من العمليات المشبوهة. في هذا السياق، يرى الخبير في الشؤون الاقتصادي فارس مسدور في اتصال ب "البلاد" أمس، أن الجزائر ضعيفة جدا في مجال مكافحة تبييض الأموال رغم أن منظومتها القانونية قوية ينقصها التطبيق، وقال المتحدث أن "الاقتصاد الجزائر يسير وفق منطق الشكارة" في ظل غياب شبكة إلكترونية وتسديد الفواتير عن طريق الدفع الالكتروني، وهذا ما أدى إلى تخريب الاقتصاد الوطني، مشيرا إلى أن هذه الوضعية لاقتصادنا جعلت الكثير من جيراننا يستفيدون منها. وفي سياق آخر، أكد أن غياب البنوك الإسلامية عزز هذه الممارسات المشبوهة، حيث أن الكثير يتهربون من البنوك الربوية، وأشار في سياق متصل أن 50 مليار أورو ما تزال جامدة في البنوك التجارية وهو ما جعل أصحابها يبحثون عن مسارات أخرى لاستثمارها على مستوى التجارة غير الشرعية والتهريب والتجارة في الأسلحة والمخدرات والرشاوي وغيرها، وتعدّ المشاريع العقارية أفصل وسيلة لتبييض الأموال إضافة إلى اللجوء إلى تجزئة رؤوس الأموال إلى عدة حسابات. وأكد المتحدث في سياق متصل، أن المؤسسات المالية اليوم هي غير مخولة لاقتراح أو اتخاذ إجراءات لمكافحة الجريمة، بحيث أن مصالح الأمن لوحدها هي المخولة والمؤهلة بهذه المهمة، لا سيما وأن الجزائر قد أمضت على العديد من الاتفاقيات الخاصة بمكافحة تبييض الأموال وتمويل الإرهاب ويتعين عليها اليوم الالتزام بذلك بتعزيز منظومتها القانونية وإجراءات المكافحة.