حسناء شعير شرع عشرات الباحثين أمس، في رصد أهم التحولات والخصوصيات التي ميزت العلامة والأديب الجزائري الراحل محمد بن أبي شنب، وذلك في الملتقى الدولي الذي تنظمه مديرية الثقافة لولاية المدية تحت عنوان “محمد بن أبي شنب والحداثة”. وجاء في الورقة العلمية للتظاهرة التي تحتضنها جامعة “الدكتور يحي فارس” على مدار ثلاثة أيام، أن الجزائر “تزخر بأسماء لامعة تركت أثرا واضحا في نهضتها الحضارية ووثبتها الثقافية، ومن أبرز هذه الأسماء العالم الفذ، الرجل الموسوعة الدكتور محمد بن أبي شنب الذي وهب حياته للعلم والمعرفة فعاش متنقلا بين شتى الحقول المعرفية، البلاغة، المنطق، السّيَر، التاريخ، الثقافة الشعبية، الترجمة، التحقيق، اللسانيات وغيرها”. وأضافت الورقة “ارتأينا أن نتوقف في هذا الملتقى العلمي الذي يحمل اسم بن أبي شنب عند قضايا الحداثة باعتبارها منظومة فكرية تطرح نفسها كالنموذج المثالي والوصفة الوحيدة التي تؤمّن الانعتاق من وضع التخلف والانحطاط، وباعتبارها أيضا نتاجا حضاريا وإرثا إنسانيا عالميا يليق بكل مجتمع أو حضارة تنشد التقدم والتطور، تمّ التعاطي معها في وطننا العربي برؤى عديدة واتجاهات مختلفة”. ويأتي هذا الملتقى العلمي، حسب المنظمين، تكملة لسلسلة الملتقيات والندوات التي سنتها مديرية الثقافة لولاية المدية في محاولة لفتح النقاش العلمي والحوار الحضاري حول هذه القضية المفصلية التي ما تزال تشغل العقل العربي”. وجاء في إشكالية الملتقى أنه “ثمة أسئلة تطرح أمام كلّ من يريد أن يقارب مشروع الحداثة كرؤية فلسفية للعالم والإنسان والحياة؛ خاصة إذا كان للإنسان رؤية فلسفية مغايرة لمنظومة المعرفة الغربية المؤسسة للحداثة في التاريخ الأوروبي. ما هو مفهوم العقل العربي لمسألة المرجعية؟ وما هو موقفه منها؟ ما موقف الفكر العربي الذي يروم تحديث المجتمع من الأجوبة التي يقدمها مشروع الحداثة الغربي، عن الأسئلة النهائية والكلية الخاصة بأسباب وجوده ومسار حياته ومآلها؟ كيف يتفاعل الفكر العربي الداعي إلى التحديث مع الأنساق المعرفية والأخلاقية والجمالية التي تسيّر حياة المجتمع الغربي؟ ثمّ هل قيم الحداثة قيم إنسانية أم أنها ظاهرة تاريخية وجغرافية لا تتجاوز دائرة الحضارة الأوروبية؟ ما هي حدود الاستفادة من الحداثة كرؤية وقيمة وممارسة؟ هل الحداثة هي تاريخ تقدّم العقل الغربي فحسب أم هي تاريخ تقدّم الوعي الإنساني عامة؟ وبالتالي يمكن أن تكون أنموذجا إنسانيا عالميا صالحا لأي مجتمع؟”. من ناحية أخرى، تعالج محاضرات الملتقى أربعة محاور وهي “الحداثة، مفهومها، أسسها ومرتكزاتها” و”إسهامات محمد بن أبي شنب في النهضة الجزائرية والعربية والإسلامية” و”الموقف من الحداثة في الفكر العربي المعاصر”، إلى جانب “مرجعيات الحداثة في العالم العربي وآفاقها “. ويشارك في إثراء هذه المحاور بالتحليل والنقاش عشرات الباحثين من مختلف الجامعات الجزائرية، بالإضافة إلى باحثين و”أكاديميين” من تونس والمغرب والسودان والإمارات ومصر ولبنان وفرنسا. وتفتتح التظاهرة بمداخلة عنوانها “العلامة محمد بن أبي شنب بين الأصالة والحداثة من خلال أبحاثه في دائرة المعارف” يقدمها مدير “مكتبة معهد العالم العربي” في باريس الطيب ولد العروسي.