تمكن أبناء الراحل الشيخ محفوظ نحناح من توحيد صفوفهم ولمّ الشمل بعدما اختلفوا وتفرقوا في المؤتمر الأخير لحركة مجتمع السلم سنة 2008. وقد وقع كل من رئيس حركة مجتمع السلم أبو جرة سلطاني، ورئيس جبهة التغيير عبد المجيد مناصرة، أول أمس الثلاثاء، ما سموه “ميثاق المبادئ العامة لتحقيق الوحدة". ويأتي توقيع الرجلين لهذا الميثاق، بعدما تبلورت ونضجت أفكار الوحدة بين الإخوة المتصارعين طلية خمس سنوات كاملة، ليفتح باب جديد بين أبناء مدرسة الشيخ محفوظ نحناح رحمه الله ويوضح الميثاق أنه إدراكا من الجميع لحاجة الأمة إلى جمع قدراتها وتوحيد جهودها بما تمليه “الواجبات الشرعية والضرورات الواقعية"، ومن أجل توفير أجواء أكثر راحة لخدمة “الدعوة الإسلامية والقيام الأمثل بالواجب الوطني" واستكمالا لبناء الأمة وتجاوبا مع آمال المناضلين وتفاعلا مع مبادرات العلماء والدعاة والشخصيات لجمع الصف وتوحيد الحركة، اتفق الطرفان على إعلان حرصهما على تحقيق الوحدة بين منتسبي مدرسة الاخوان، حيث تم الاتفاق على المبادئ العامة وأولها كما جاء في الوثيقة “بناء الوحدة على ركن الأخوة وتأليف القلوب وتلاقي العقول، ثانيهما تحقيق الوحدة والشروع في إنفاذها على أساس المنهج ومنظومة القيم والانتصار للفكرة خدمة للمشروع الأوسع ولمصلحة الدين والشعب والوطن، وثالثا التزام الشورى والتوافق في كل القرارات المحققة للوحدة. ومن أجل تجسيد هذه المبادئ العامة تم الاتفاق بين الطرفين على تأسيس لجنة من الطرفين بمساهمة أصحاب المبادرة توكل إليها مناقشة كل التفاصيل لتحقيق الوحدة الكاملة." وبتوقيع هذا الميثاق بين “حمس" و«التغيير" يكون أبو جرة قد نجح نسبيا في المسعى الذي أطلقه مؤخرا لتوحيد أبناء الحركة، ويكون أيضا قد أسكت من اتهمه بانقسام الحركة في عهدة مرتين، والتوصل إلى المحاور الكبرى لتحقيق الصلح، وتبقى دراسة الآليات خاصة أن سلطاني كان قد صرح في “منتدى البلاد" بأن الخلاف الذي بين الطرفين لا يعدو أن يكون “تنظيميا"، موضحا أن هناك الكثير من الحواجز النفسية التي طفت إلى السطح سنة 2008 زالت مع الزمن، وأن إرادة التصالح قائمة و«وحدة الشقين ممكنة جدا". كما يقرأ ملاحظون هذا الميثاق على أنه ألغى إمكانية انصهار أحد الحزبين في آخر والعمل “وفق أساس المنهج ومنظومة القيم والانتصار للفكرة" وهي المبادئ المشتركة بين الحزبين، كما يحيل توقيت توقيع الاتفاق إلى إمكانية عودة التغيريين من بوابة المؤتمر الخامس لحركة مجتمع السلم المنتظر عقده في الفاتح من ماي القادم، الذي اختير له شعار “حركة تتجدد.. وطن ينهض" في ظل تحضير وصف ب«الهدوء الذي يسبق المفاجأة" والتي من المرجح أن يكون صانعها حضور مناصرة أشغال المؤتمر. كما يرى مراقبون أن قبول مناصرة بهذا الاتفاق جاء من باب “مضطر أخوك لا بطل" خاصة مع مغادرة أغلب قياديي جبهة التغيير إلى المنشق عن هذه الأخيرة بقيادة مصطفى بلمهدي “حركة البناء الوطني قيد التأسيس"، كما أن عودة مناصرة لأحضان حمس يكون لتضييق الخناق على بلمهدي وأتباعه الذي برر إنشاءه حركة البناء بكون الطرفين أبوجرة ومناصرة “لم يتفقا على أي صلح، وأنّ اللقاء الذي جمعهما بتركيا لا يندرج تحت مفهوم الصلح"، لأنّ الصلح يتحقق حسب بلمهدي خلال الاجتماع في مساحة جديدة في إشارة إلى حركته الوليدة كأفراد وليس كمؤسسات.