يرى مراقبون أن هناك عدة أسباب فجرت الصراع داخل "حمس"، وأن هذا الصراع لا يكتسي طابعا سياسيا أو فكريا أو تنظيميا، لكنه أخذ أبعادا شخصية من خلال محاولة كل طرف استغلال الحركة كمطية للحصول على مكاسب تتعلق بالحقائب الوزارية، وكانت للأزمة الداخلية في حركة مجتمع السلم، وانشقاق قيادات منها، وتأسيس "جبهة التغيير" برئاسة عبد المجيد مناصرة، تداعيات سلبية كبيرة على مستقبل الحزب، خاصة بعد أن سجلت نتائج مخيبة خلال مختلف المواعيد الانتخابية السابقة، ولم يتمكن هذا الحزب من تحقيق نتائج إيجابية مماثلة لتلك التي حققت في عهد الراحل نحناح حتى مع تكتله مع أحزاب إسلامية أخرى، الممثلة في كل من حركة النهضة وحركة الإصلاح الوطني التي اجتمعت تحت لواء 'تكتل الجزائر الخضراء'. وبسبب هذا الصراع قام المرشد العام للإخوان المسلمين الأسبق في مصر، مهدي عاكف، بتجميد الصلة مع إخوان الجزائر "حتى يتصالحوا"، ورغم المحاولات الكثيرة لإصلاح ذات البين فإنها باءت كلها بالفشل. والسؤال الذي يطرح نفسه بإلحاح هل هناك أفاق لرؤية ، أبو جرّة سلطاني، وعبد المجيد مناصرة رئيس جبهة التغيير، والشيخ بلمهدي رئيس حركة البناء الوطني التي عقدت مؤتمرها التأسيسي مؤخرا وشتات الحركة الإخوانية كلّهم تحت راية واحدة. قرأ ملاحظون للشأن السياسي، أن حركة البناء الوطني جاءت في وقت تعيش فيه "حمس" على وقع تعثر دعوات الوحدة التي أطلقها أبو جرة سلطاني مؤخرا، والتي أظهرت نأي بعض الأطراف عن الاستجابة إليها، ورفض دعوة مصطفى بلمهدي للم شمل إطارات حمس في عهد نحناح، وإرجاع الحركة إلى عهدها الأصيل التربوي والإصلاحي والمشاركة في إعادة ثقة الجزائريين في أمتهم. وكان بلمهدي قاد مبادرة في هذا الإطار من خلال "نداء البدار" كمشروع يعيد الأمور إلى سابق عهدها، والذي اعتبر خطا ثالثا أمام "حمس"، للتوحد على نهج نحناح من جديد، وهي مبادرة لم تجد أي صدى لدى الفرقاء. وفي هذا الصدد، أفاد قيادي سابق في 'جبهة التغيير'، بأن "99 في المائة من منتسبي حركة التغيير قرروا الانضمام إلى حركة البناء الوطني، إيمانا منهم بأنه لا سلطاني ولا مناصرة يمثل المنهج الفكري والتربوي والسياسي الصحيح لمؤسسة حركة المجتمع الإسلامي سابقا، وحركة مجتمع السلم حاليا"، مضيفا أن "المشروع الجديد يهدف إلى لم شمل من يؤمنون بالفكر والمنهج الوسطي المعتدل، الذي يمثله الراحل نحناح، وعلى من يؤمن برسالة هذا سواء في حركة الدعوة والتغيير أو في حركة مجتمع السلم فعليه أن ينضم إلى هذا المشروع وإلى هذا الحزب". وجاءت تصريحات هذا الأخير في الوقت الذي نشر فيه نائب حركة مجتمع السلم، عبد الرزاق مقري، عبر موقع التواصل الاجتماعي 'فيسبوك'، أن "تحقق طموحات الوحدة بين أبناء البيت الواحد، ليس ببعيد سواء كان ذلك في المؤتمر الخامس لحمس أو بعده"، معتبرا أن مطلب الوحدة هو "مطلب شرعي" يجب التوصل إليه متى أتيحت الفرصة "الصادقة" و"الجادة" بغض النظر عن هذا الاستحقاق أو ذاك على حد قوله، وتابع "إن هذا المطلب هو ضرورة سياسية ووطنية كذلك لأن التشرذم لا يفيد سوى الزمر الفاسدة التي تتحكم في البلد وأزلامها التي تعبدها وتتبعها في العلن أو في الخفاء". وتأتي هذه المبادرة على وجه الخصوص بعد اللقاء الذي جمع بين أبو جرّة سلطاني، رئيس حركة مجتمع السلم، وعبد المجيد مناصرة رئيس جبهة التغيير في إسطنبول بتركيا والذي يعد "خطوة تمهيدية للمبادرة" التي ستحاول توحيد "أبناء الشيخ محفوظ نحناح" المنقسمين بين كل من حمس وجبهة التغيير وتاج بقيادة غول، وهو أمر قد شُرع فيه على المستويات القيادية والقاعدة الحزبية لكل من حمس وجبهة التغيير بالنّقاش والتواصل ووعود من الطرفين، أما بالنسبة لتاج فلا تزال المشاورات قائمة.