كشفت برقيات دبلوماسية أمريكية سرية عن جانب من محاولات الرئيس الراحل أنور السادات للتغلب، عبر المساعدات الخارجية، على الأزمة الاقتصادية، التى عانت منها مصر عقب حرب أكتوبر 1973، حيث كانت البلاد بحاجة لما بين 10 و12 مليار دولار. ووفقا لهذه البرقيات، التي نشرها موقع “ويكيليكس” على الإنترنت، فإن مصر لم تتلق إلا القليل من المساعدات والوعود الخليجية، وسط دعوات مصرية إلى ضرورة إحداث تغييرات دراماتيكية فى الاقتصاد؛ لكون المساعدات لن تسعف البلاد إلا لأسابيع. وفي برقية مختومة ب”سري” وتعود إلى 29 سبتمبر 1975، قالت السفارة الأمريكية فى مدينة جدة السعودية إن مصر تترد فى الانجراف في مفاوضات سلام مع إسرائيل لتخوفها، ضمن عدة أسباب، من فقدان الدعم المالي السعودي، معتبرة أن هذا التخوف يعكس قراءة دقيقة للتوجهات السعودية. ورأت البرقية أنه “إذا ما انتهت السعودية إلى أن مصر خرجت من المواجهة العربية مع إسرائيل، ستنهى الدعم المالى غير المشروط للقاهرة، بل وستسعى لدى حكومات الخليج الغنية إلى اتخاذ الموقف نفسه”. وأضافت أن السعوديين يحبون الرئيس المصري محمد أنور السادات وسياساته الوسطية، ولا يثقون في أن خليفته سيكون على نفس النهج المعتدل، ولديه ذاكرة حية عن العداء الذى استمت به علاقات البلدين فى عهد الرئيس الراحل جمال عبدالناصر، إلا أن السعودية لن تساعد فى تأمين عرش السادات وبقائه فى السلطة، إذا ما تأكدت أنه يهجر القضايا العربية، على حد قول البرقية التي أشارت أيضا إلى أن إعراض المملكة عن السادات سيعنى فى نفس الوقت مزيدا من الدعم لسوريا ضده. وأضافت أن القادة السعوديين لن يتخلوا عن السادات بسهولة وسيستخدمون ثروتهم للإبقاء عليه فى الجبهة العربية ضد إسرائيل. وشددت على أن حب القادة السعوديين للسادات منع الصحافة السعودية من انتقاده بعد توقيع اتفاقية فض الاشتباك الثاني مع إسرائيل، والتى تركز فقط على شبه جزيرة سيناء وأملت بقية الأراضي العربية المحتلة، مكتفية بانتقاد الاتفاق دون صاحبه. وختمت السفارة الأمريكية برقيتها بأن “مصر لا تستطيع التحرك دون دعم السعودية ودول الخليج المالي، وهو ما تستغله المملكة للإبقاء على القاهرة فى جبهة المواجهة ضد إسرائيل”.