عاشت محكمة الحراش نهار أمس حالة احتقان وتوتر بين أصحاب الجبة السوداء وقاضية جلسة الجنح، حيث قرر المحامون مقاطعة الجلسة والانسحاب وذلك استنكارا منهم على تأخر القاضية لقرابة ساعة بعد توقيف الجلسة التي أعلنت أنها ستعود بعد حين. ووسط أخذ ورد في ظل ذلك قرر عدد من المحامين الانسحاب بعد أن باشروا الإمضاء على لائحة استنكار تحمل أسماء المقاطعين، وتحولت باحة المحكمة إلى ساحة للحوار والنقاش في مدى أحقية القاضية في التوقيف والتأخر كل هذا الوقت، وبين مؤيد على أساس القانون، ومستنكر للوضع الذي اعتبروه إهانة لهيئة أصحاب الجبة السوداء واستصغارا لقيمتهم واستمر الحال قرابة ساعتين من الانتظار، قبل أن تطل رئيسة الجلسة التي تعود عليها المتقاضون والمحامون بسماحتها ورزانتها في آن واحد وتضع حدا لحالة الاستنفار التي سادت في ظل غيابها ووضعت النقاط على الحروف بأنها هي من تدير الجلسة ولها كامل الحق في التوقيف خاصة أن الأمر كان من أجل المداولة، مستنكرة وبلهجة شديدة موقف المحامين الذي كان غير قانوني حسبها، كما أنه مجحف في حقها، إذ لم يراعوا الظروف التي اضطرتها للتوقيف وهي التي تعودت مراعاة ظروفهم في وقت سابق وذلك بتقديم بعض الملفات عن جدولتها أو تأخيرها في حال وجود ظروف اضطرارية واستثنائية للمحامين. وبدت القاضية(ف.غ) مستاءة جدا من موقف أصحاب الجبة السوداء وبرز ذلك في إعلانها عن تغيير منهجيتها في التعامل والتي ربطتها من يوم الواقعة بالقانون فحسب، وقد أكدت في ردها على الداعين للانسحاب أن لها كافة الصلاحيات وأن المحكمة تتمتع باسقلالية تامة تشعرها بالتزاماتها وأنها لا تخشى أحدا وفي حال ذلك فإن الاستقالة هي الباب الأول الذي ستطرقه، وهو ما جعل المحامين يتراجعون عن انسحابهم بالتعبير أيضا عن موقفهم ومبررات الدعوة للمقاطعة مؤكدين على احترام هيئة المحكمة، وأنهم لا يمكن لهم التدخل في صلاحيتها، لكنهم مطالبون بالاحترام وهو ما أكدت عليه هيئة المحكمة بدورها. وبين مد وجزر عاد الهدوء النسبي للقاعة غير أن ملامح التوتر كانت تلازم كلا الطرفين وأثرت على سر الجلسة التي اعتبرها عدد من المحامين بالأكثر ثقلا بعد حالة الاستنفار. كما أن هناك من المحامين من تراجع عن موقفه غير راض ومنهم من تمسك به ولو في قرارة نفسه، غير أن طباع القاضية ظلت فوق الجميع بمنحها فرصة لأحد المحامين بتأجيل القضية لغاية حضور الدفاع الذي كان خارج القاعة، وهو ما يؤكد على حسن تسييرها للجلسة، وهو الموقف الذي اعتز به العديد من المحامين. يذكر أن موقف المحامين جاء مشحونا كون أن التأخير يعد الثاني من نوعه في ظرف أسبوع.