وَضع أمس الأحد، رئيس جلسة الجنح في محكمة بئر مراد رايس نفسه في موقفٍ ''حرج جدا''، وهو ينظر في ملف قضية خيانة الأمانة، المتابعة من أجلها كاتبة المحامي ''ز.ش''، المتهمة بسرقة ختمه الشخصي، حيث وبعد نشوب ملاسنات كلامية داخل قاعة الجلسات وصفت ب''الخطيرة''، ارتأى قاضي المخالفات الذي استخلف قاضية الجنح التي تغيبت عن الجلسة لأسباب صحية، تأجيل الفصل في القضية إلى مطلع شهر ماي الداخل، بيد أن ما استوجب الوقوف عنده، هو أن الهدوء الذي اتسم به سير القضية في بدايتها في ظل تغيب المتهمة وحضور المحامي الضحية ودفاعه، تحوّل في لمح البصر إلى ''معركة ضارية'' بين دفاع الضحية، القاضي وممثلة الحق العام، وذلك بمجرد دخول المتهمة متأخرة واقتحامها للمنصة المخصصة للمحاكمة، وبالتحديد، مباشرة بعد أن أبدى دفاع الطرف المدني طلباته، وهو الحضور الذي أخلط كامل الأوراق، خاصة بعدما صرحت المتهمة استعدادها إلى المحاكمة، معللة تأخرها عن الجلسة بأنه كان بسبب ازدحام السير، حيث وبمجرد أن قرر القاضي مواصلة الإستجوابات، ثارت ثائرة دفاع الطرف المدني، وهو عضو من النقابة قائلا: ''لا يعقل محاكمة المتهمة بعد أن قدمتُ طلباتي، كما أنكم قمتم بالمناقشة من خلال طرحكم للأسئلة ودخلتم في الموضوع، لأن في ذلك خرقٌ صريح لقانون الإجراءات الجزائية'' ليرد القاضي ''لكنني رئيس الجلسة ولي كامل الحرية في تسييرها كيفما شئت، ولا يحق لك إملاء ما يجب القيام به''، ليثور الدفاع من جديد..''إذن أطلب منكم تحرير إشهاد مفاده أن الكلمة أعطيت للضحية ودفاعه قبل دخول المتهمة'' لتتدخل ممثلة الحق في هذه الأثناء في محاولة منها لوقف ''التصادم''، وذلك من خلال تقدمها من القاضي الذي همست له في أذنه، هذا الأخير وبعد أن التحقت السيدة وكيل الجمهورية بكرسيها، وبعد أن ألقى نظرات على الملف، قرر إعادة المحاكمة من جديد، قائلا:''اجلسوا في أماكنكم سنعيد المحاكمة بعد الإنتهاء من كل الملفات''. وبعد مرور وقت وجيز، وبعد أن أجل كامل الملفات، أمر بوقف الجلسة لخمس دقائق، ومباشرة بعد انقضاء الوقت، دخل رئيس الجلسة الذي قام من جديد بمناداة الأطراف ليفاجئهم ''القضية مؤجلة إلى الثاني ماي وذلك لحسن سير العدالة ولإحقاق العدل''، وهو القرار الذي أثار حفيظة هيئة دفاع المحامي الضحية، الذي عقَب على النيابة ''لا يحق لكم تسيير الجلسة، فهذا ليس من صلاحياتك وإنما من صلاحيات القاضي''، لتجيبهم ممثلة الحق العام..''أولا أنا طرف في القضية، والقضية تؤجل لأن النيابة لم تقدم طلباتها بعد دخول المتهمة، وإن التأجيل جاء لحسن سير العدالة لا غير''. وهي التصريحات التي تَمسك بها القاضي الذي أكّد للدفاع، أن قانون الإجراءات الجزائية واضح ومتفق عليه ''وما دام أن النيابة لم تبدِ طلباتها، فيمكن تأجيل القضية''، قبل أن يضيف أن حق المتهمة في الدفاع عن نفسها حق دستوري، ليؤجل القضية وينسحب من القاعة إلى حين إحضار الموقوفين. تجدر الإشارة أن المتهمة سبق لها وأن مثلت منذ حوالي 15 يوما أمام محكمة الحال، بدعوى سرقة مبلغ مالي قدره 460 مليون سنتيم، وهي القضية التي لا زالت في المداولة.