في سابقة خطيرة، تعدّ الأولى من نوعها في تاريخ العمل الإعلامي بالجزائر، دخل أزيد من 40 صحفيا يشتغلون بصفة مذيعين بالقطعة تابعين لإذاعة البهجة، إذاعة القرآن الكريم والإذاعة الثقافية، منذ يوم أمس في إضراب عن الطعام إلى أجل غير مسمى، احتجاجا على التعليمة التي أصدرها المدير العام للإذاعة الجزائرية توفيق خلادي والقاضية بتغيير طريقة احتساب مستحقاتهم المالية الشهرية التي كانت تُقدم جزافيا في السابق، مطالبين بالإسراع في ترسيمهم في مناصب عمل قارة. شرع صباح أمس عدد من الصحفيين والمخرجين والمنشطين العاملين بإذاعة البهجة في تنظيم حركة احتجاجية بدخولهم في إضراب مفتوح عن الطعام، والتزامهم الاعتصام في مكان العمل ليلا ونهارا للمطالبة بإيجاد حل عاجل ونهائي للأوضاع المهنية المزرية التي يشتغلون فيها منذ سنوات طويلة، إلى جانب الوقف الفوري للإجراءات التي وصفوها ب ''التعسفية'' و''المخجلة'' التي اتخذتها إدارة الإذاعة الوطنية في حقهم مؤخرا. وجاء قرار مهنيي إذاعة البهجة على خلفية القرار الذي أصدره مديرها العام والقاضي بتغيير طريقة احتساب أجور هذه الفئة، ومباشرة بعد صدور التعليمة حاول الصحفيين الاتصال بمسؤولي الإذاعة لكن دون جدوى باعتبار أن مدير الإذاعة حاليا في عطلة، فقرروا إعلان الإضراب ابتداء من أمس، وقد لقي الإضراب استجابة واسعة من قبل المتضررين من القرار، حيث لم يتجاوز عددهم في الساعات الأولى من الإضراب 20 شخصا ليلتحق بهم زملاؤهم في نفس الوضع من إذاعة القرآن الكريم والإذاعة الثقافية المتواجدة بنفس المبنى. وذكر المضربون الذين علقوا شعارات الإضراب على نافذة المبنى المطلة على شارع أحمد زبانة، بحضور العشرات من الصحفيين من مختلف المؤسسات الإعلامية المسموعة والمكتوبة في وقفة تضامنية معهم، أكدوا أن هناك من قضى 10 سنوات دون ترسيم وآخرون غير مؤمنين إلى جانب أنهم معرضين لمختلف المخاطر المهنية التي تتميز بها مهنة الصحافة، حيث تعرض العديد منهم إلى اعتداءات دون تدخل الإدارة أثناء أدائهم مهامهم، إلى جانب حرمانهم من حقوقهم المهنية على غرار العطلة السنوية. وأورد المتحدثون الذين يتمسكون بالإضراب تضامن عشرات الصحفيين الذين دخلوا مقر إذاعة البهجة للاستفسار عن القرار التعسفي من مدير إذاعة البهجة فريد بوطالبي، أن هذا الأخير عقب بلوغه خبر الإضراب سارع للالتحاق بمنصب عمله رغم أنه في عطلة وهددهم بإخراجهم من مقر العمل بتدخل قوات الأمن وهو ما استنكره المضربون وكذا الفيدرالية الوطنية للصحافيين الجزائريين التي أصدرت بيانا تنديديا، أكدت فيه بمطالب الزملاء مشيرة إلى أن ''ثلثي الصحافيين في إذاعة البهجة يشتغلون بالقطعة منذ أزيد من 9 سنوات''، معتبرة ''علاقة العمل هذه شاذة وظالمة وغير قانونية في مؤسسة عمومية مملوكة للدولة وفي قطاع إستراتيجي هام، متناقضة مع قوانين العمل والقوانين المنظمة للعلاقات المهنية في قطاع الإعلام، وتتجاهل المؤهلات العلمية والمهنية للزملاء وتضحياتهم، وتُقدم تبريرات مالية غير صحيحة''، وقد لجأت إدارة الإذاعة الوطنية إلى احتساب مستحقاتهم المالية على أساس حجم العمل فقط الذي يُبث عل أمواج الإذاعة مع ترك التقييم المالي تقديريا للمسؤولين في غياب سلم للتقييم مع إلزامهم بالعمل طوال اليوم وحرمانهم من كل أشكال العطل والراحة ورفض طلباتهم بلقاء المسؤولين''، وبالتالي طالبت الفيدرالية ''بوقف هذه الإجراءات التعسفية وترسيم الصحفيين وتمكينهم من كامل حقوقهم المهنية المنصوص عليها قانونا، داعية السلطات العمومية على رأسهم كاتب الدولة لدى الوزير الأول المكلف بالاتصال بالتدخل الفوري. وفي نفس الوقت تُحمل إدارة المؤسسة كامل المسؤولية القانونية والأخلاقية بشأن الأضرار المادية والمعنوية والصحية التي قد تلحق بالزملاء المضربين، معلنة بوقوفها إلى جانبهم ومواصلة التجمع أمام مقر الإذاعة ونقل قضيتهم إلى كل الجهات الرسمية والحقوقية التي من شأنها الدفاع عن حقوقهم. من جهتها أوضحت المديرية العامة للإذاعة الجزائرية، أمس في بيان لها، أن ''سبعة متعاونين بالقطعة في إذاعة البهجة قاموا حسب تعبيرها يوم أمس بحركة احتلال لقاعة التحرير''، واعتبرت أن ''هذه العملية غير شرعية وجاءت متجاهلة كل القواعد بهدف إحداث اضطراب في الخدمة العمومية التي تؤديها إذاعة البهجة'' حسب البيان ذاته . وأضاف المصدر أن ''هذه الوضعية أدت بإدارة المؤسسة إلى التدخل طبقا للقانون من أجل استعادة أجواء وظروف العمل داخل هذه الإذاعة الجوارية''، مشيرا إلى أن ''نقابة المؤسسة رفضت مجاراة هذا التصرف البعيد عن كل شرعية بعد أن حاولت دون جدوى إرشادهم إلى جادة الصواب''. وختم بيان الإذاعة بالتساؤل ''عن الأهداف التي هي وراء هذا التصرف الذي تم اللجوء إليه خارج الطرق المعمول بها''، كما جددت ''تمسكها المطلق باستمرارية الخدمة العمومية بالإذاعة المسموعة ولا يمكنها أن تسمح بتصرفات منافية للقانون''.