وزيرنا الأول أفتى بأن بالبرلمان سجلا تجاريا يتبضع من الترويج لسلع كاسدة، فقانون تجريم الاستعمار ظهر أنه مجرد ترف تجاري في دكان برلماني أعاده أويحيى إلى دوره الطبيعي في تقاضي الثلاثين مليون سنتيم مع ''تبلاع الفم''. فثورة وزير المجاهدين مثلا على فرنسا لا تعني بالضرورة أن الحكومة على قلب وزير واحد، فكل وزير بما أتاه ''ربه'' من سلطان حر في إبداء رأيه.. أما وموقف الدولة الرسمي فإنه ليس سجلا تجاريا يتسوق به ''زياري'' أو يشهره محمد الشريف عباس... خطاب أويحيى كان ثريا وثوريا لما حواه من رسائل ''مقعرة'' عن واقع مقعر، اعترف من خلاله أويحيى الأول أن مستواه نزل إلى الحضيض الذي يهدد استقرار الدولة بعدما أشاع المغرضون بأن أخا الرئيس مات، ورغم أن الموت حق وأويحيى نفسه سيلاقي ربه طال العمر أم قصر، إلا أن ربط استقرار الدولة بوفاة أو حياة شخص ما، مهما كانت أهميته، قفز مفضوح على حقيقة أن دولة المؤسسات لا يهدد استقرارها موت فلان أو علان، فدولة المؤسسات علمونا أنها لا تزول بزوال أويحيى أو غيره.. من حق أويحيى أن يفند الشائعات و''الرخس'' المتفشي بين سرايا النظام، لكن من حقنا عليه أن نعلمه أن الرئيس نفسه يموت في الساعة آلاف المرات، بمجرد متابعته ما يجري من انتكاسات وانتحارات ومهازل شملت كافة النواحي. ولأنها الحقيقة المرة فإن نفي الموت من طرف وزيرنا الأول لا يلزم إلا أويحيى، فعزرائيل في النهاية غير معنٍ بالندوات الصحفية المخففة للصدمات والصدامات الجارية في دواليب السلطة..