5 سنوات كاملة مرت على ظهور أولى مبادرات مشروع قانون يجرم الاستعمار الفرنسي ويجبر فرنسا بالاعتراف بماضيها الاستعماري وبمجازرها الوحشية التي طبقتها في حق جزائريين أبرياء، ورغم كل هذه المدة إلا أن القانون ما يزال حبيس أدراج نواب الشعب دون أن تعرف حقيقة التأجيل والمصلحة من وراء ذلك . بالمقابل نجد أن فرنسا لا تفوت أي فرصة في الإشادة بماضيها الاستعماري في الجزائر وتأكد أنها صاحبة الفضل في وجود جزائريين اليوم يعرفون القراءة والكتابة والحديث مع الآخرين، وباعتبار أن حركة الإصلاح الوطني والنهضة كانتا من المبادرين إلى سن قانون يجرم الاستعمار اقتربنا من رئيس حركة الإصلاح الوطني جمال بن عبد السلام بمكتبه بحي بلكور الشعبي وكان لنا معه هذا الحوار. حاوره : محمد كيتوس حديثنا اليوم ينحصر في قانون تجريم الاستعمار و في إحدى خرجاتكم أكدتم أن حركة الإصلاح الوطني هي المبادرة بإصدار هذا القانون كيف ذلك ؟ لما صدر قانون العار المسمى بتمجيد الاستعمار في 23 فيفري 2005 بعدها وفي حدود 20 يوما أصدرنا بيانا نندد فيه بهذه الخطوة غير المسؤولة من طرف الجمعية الوطنية الفرنسية وتعهدنا بأن الرد لا بد أن يكون في مستوى هذه الخطوة باستصدار قانون برلماني يجرم الاستعمار. وكيف كان ذلك ؟ شكلنا لجنة عمل حضرت المشروع وكان جاهزا في الدورة الخريفية في 2005 وأودع في المجلس الشعبي الوطني في نفس الدورة. كيف كانت تشكيلة اللجنة ؟ تتكون من بعض نواب الحركة واستعنا بقانونيين ومؤرخين حتى أنهينا الصيغة القانونية للمشروع المودع لدى المجلس منذ ذلك الحين . وماذا تضمن مشروع هذا القانون ؟ يتضمن 27 مادة فيها عرض الأسباب وتبويب القانون إلى تصنيف الجرائم وركزت على سبع أبواب كما تضمن مجموعة من المواد التي تتحدث عن ضرورة إجبار فرنسا على الاعتراف والاعتذار والتعويض المادي والتعهد بعدم العودة إلى الفكر الاستعماري في المستقبل. بالمقابل وضعنا فيه مواد تتعلق بواجب الحكومة الجزائرية بتطبيقها ضمن هذا القانون وإجبار فرنسا على تطبيقها أيضا . القانون اليوم هو حبيس أدراج المجلس ؟ هي الحقيقة المرة التي لم نتقبلها إلى يومنا هذا فمشروع قانون تجريم الاستعمار بقي حبيس أدراج المجلس الشعبي الوطني وتم حصار الإصلاح في البرلمان وعوقبنا آنذاك بحرماننا من حقوق الكتلة البرلمانية للإصلاح للمشاركة في الدبلوماسية وغيرها من مجالات . وماذا كان ردكم ؟ *************** مؤطر أستسمجكم بالقول أن من دعوناهم من الكتل البرلمانية الأخرى هربوا واختبؤوا وراء الأبواب خوفا من أن يروا معنا *************** أتبعنا هذه الخطوة بعمل إعلامي ونظمنا يوما برلمانيا بهدف التعريف بهذه الخطوة في المجلس الشعبي الوطني ، وأستسمحكم بالقول أن من دعوناهم من الكتل البرلمانية الأخرى هربوا واختبؤوا وراء الأبواب خوفا من أن يروا معنا في اليوم البرلماني وأغلبهم ينتمون إلى الأسرة الثورية. إذن من تجاوب معكم في ذلك الوقت؟ داخليا وجدنا أنفسنا معزولين فتحركنا دبلوماسيا لدى السفارات وطرحنا الموضوع على سفارة مصر، مدغشقر، وسوريا واستحسنوا الفكرة وقمنا بمجموعة من النشاطات مع المواطنين ووجدنا مباركة ودعما واضحا لهذه الخطوة. بالنظر لهذه المعطيات التي تقدمتم بها كيف تبنت جبهة التحرير الوطني هذا المشروع اليوم؟
عملية التبني جاءت بعد أن نوم المجلس الشعبي الوطني المشروع في أدراج رئيس البرلمان فرغم تذكيرنا لهم بضرورة عرضه في كل مرة وبإلحاح فكلامنا لم يجد صدى لدى البرلمان ولدى الكتل السياسية والبرلمانية إلى أن جاءت المبادرة الثانية التي تقدم بها مجموعة من النواب من مختلف الأحزاب بما فيها الإصلاح، وهنا دخلت باقي الأحزاب على الخط وتبنت المشروع إعلاميا. وماذا كان ردكم ؟ نحن نؤمن أن مصلحة الجزائر هي قبل كل شيء وبما أننا نعرف أن جبهة التحرير الوطني تملك الأغلبية من النواب وتترأس المجلس الشعبي الوطني اعتقدنا وأملنا أن تذهب رأسا إلى طرحه للمناقشة والمصادقة عليه في المجلس واليوم نطرح السؤال ، ماذا تنتظر هذه الأحزاب وهي تملك الصلاحية القانونية وأغلبية الأصوات ومدعومة بأصوات نواب حركة الإصلاح والنهضة وحمس والأحرار لتمرير القانون.
برأيكم لماذا هذا التأخر ؟ هذا التأخير لا مبرر له لا من الجانب القانوني ولا من السياسي والدبلوماسي اللهم إلا إذا كان هؤلاء ينتظرون الإيعاز كعادتهم من جهات فوقية أو أن ما قاله فيهم وزير الخارجية الفرنسية كوشنير حقيقة. ماذا قال؟ قال أن الحكومة لن تمرر القانون والبرلمان الجزائري ليس له كلمة ألا تعتقد أن البرلمان لا يقوم بمهامه في ما يخص هذا القانون ؟ ************* مؤطر نحن في الإصلاح نقيم أداء البرلمان في هذه العهدة بمدى تعاطيه مع مشروع قانون تجريم الاستعمار الفرنسي لأن هذا القانون مصيري ************ نحن في حركة الإصلاح الوطني نقول أن قيمة هذا البرلمان تساوي تمرير هذا المشروع فإذا تكاسل أو تخلى عنه فلا مبرر من وجهة نظرنا لبقائه نهائيا، نحن في الإصلاح نقيم أداء البرلمان في هذه العهدة بمدى تعاطيه مع مشروع قانون تجريم الاستعمار الفرنسي لأن هذا القانون مصيري بالنسبة لنا يحدد فعلا إذا كنا أحرارا وأسيادا في وطننا أم نحن مازلنا في حاجة إلى تحرر حقيقي بعد مضى 48 سنة عن استقلال الجزائر. كرئيس حزب سياسي أين تلمس الانسداد؟
المسؤولية المباشرة في عدم تمرير هذا القانون ستتحملها الحكومة التي لم ترد على المقترح البرلماني لحد الآن بعدما تجاوزت كل قوانين الجمهورية في التعامل مع هذا المشروع ويتحملها رئيس المجلس الشعبي الوطني ومكتبه ونواب البرلمان في الغرفة السفلى لأنهم لم يلجؤا إلى استعمال الصلاحيات المخولة لهم في قوانين الجمهورية . ونغتنم الفرصة لدعوة هذه السلطة إلى اختصار الطريق بين الجزائريين بالعودة إلى مشروع نوفمبر العظيم فمن وجهة نظرنا هو الأمل لخروج الجزائر من نفقها المظلم والسياسات الفاشلة إلى بر الأمان. وماذا عن مسؤولية الأسرة الثورية ؟ الأسرة الثورية انتقلت من دس الرأس في التراب مع مبادرة الإصلاح سابقا ونسمعها الآن تصدر مواقف إعلامية إيجابية لصالح القانون ولكن نظنها أنها تستطيع أن تفعل أكثر من التصريحات الإعلامية والسياسية لما لها من رمزية وثقل وطني وخاصة منظمة المجاهدين. كيف ترى الجزائر بعد 48 سنة من الاستقلال ؟ المؤكد بعد مرور 48 سنة أو نصف قرن تقريبا على استقلال الجزائر إن المشروع الوطني الذي استشهد من أجله الشهداء وجاهد من أجله المجاهدون وضحى من أجله الشعب الجزائري بالنفس والنفيس والذي نظمه بيان أول نوفمبر 54 ما زال مغيبا فقد خرجت السلطة بعد الاستقلال مباشرة عن هدف أول نوفمبر وفرضت على الشعب الجزائري نظاما اشتراكيا بالقوة ، وأقول أن ما نشاهده اليوم من فساد ونهب وفوضى وظلم وحقرة فإن مآله الزوال طال الزمن أم قصر وستبقى الجزائر لأبنائها وشعبها الأبي. كيف استقبلتم نبأ رحيل السفاح بيجار دون عقاب ؟ أعلنا تأسفنا العميق لذهاب السفاح بيجار وأمثاله إلى الدار الآخرة دون أن يصدر قانون تجريم الاستعمار لمحاكمتهم ومعاقبتهم على جرائمهم قبل وفاتهم ولينالوا عند الله سبحانه وتعالى عقابهم الأخروي وندعو الحكومة والبرلمان إلى أخذ وفاة السفاح بيجار كحد فاصل لتجسيد مشروع تجريم الاستعمار للسماح للجزائريين والحقوقيين باتخاذ الإجراءات الضرورية لمحاكمة ما تبقى من مجرمين فرنسيين أمام المحاكم الجزائرية والدولية حتى لا يفلتوا من العقاب في المستقبل.
المجاهد ياسف سعدي قال أن بيجار لم يعذب الجزائريين رغم اعتراف بيجار بنفسه بمسألة التعذيب؟ ********* وما أقوله حول بعض التصريحات لمجاهدين جزائريين لا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم ********** لا تعليق لي على كلام ياسف سعدي، فهؤلاء الجزارين الفرنسيين من أمثال ماتسو سوريس يفتخرون في تصريحات كثيرة بما قدموه لأمهم فرنسا من خدمات وهم يفتخرون بالعشرات من الجرائم التي ارتكبوها في حق الجزائريين والجزائريات. وما أقوله حول بعض التصريحات لمجاهدين جزائريين لا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم. وهل تابعت النقاش الذي دار مؤخرا بخصوص كتاب الدكتور سعيد سعدي؟ نعم، تابعت النقاش الذي دار حول كتاب الدكتور سعدي وقد كان لنا رأي آنذاك عن موقف الحركة من الموضوع فأجابنا أن كتاب سعدي أو غير سعدي لن ينقص شعرة من مكانة هؤلاء القادة الأبطال سواء تعلق الأمر بالشهيدين عميروش وسي الحواس أو بالبطلين هواري بومدين وعبد الحفيظ بوصوف، فثورة بعظمة الثورة الجزائرية وزخمها وأبعادها لا يمكن أن لا تحدث فيها أخطاء تنظيمية أو خلافات بين القادة والمناضلين والمجاهدين ولكن المؤكد أن لا أحد من هؤلاء يجرؤ على الوشاية بإخوانهم، قد يغتالون بعضهم بأيدي بعضهم كما حدث مع عبان رمضان ولكن أن يسعوا في التعامل مع مثل هذه الحالات أي يلجؤوا لدى العدو ليخلصهم من بعظهم فهذه ليست من شيمهم ولا من شيم الجزائريين. هل من رسالة إلى الجزائريين خاصة جيل الاستقلال بعد 48 سنة من الاستقلال؟ رسالتنا لجيل الاستقلال وأنا واحد منهم هو أن نعتز بمشروع نوفمبر العظيم ومهما تراه من صور ومشاهدة تبعث على الإحباط واليأس والقنوط ، فخلاص الجزائر وبالتالي خلاص هذا الجيل الصاعد والحالي إنما يكمن في الرجوع والتفاف حول قيم وثوابت الحركة الوطنية ومنها المنطلق لبناء الغد إنشاء الله.