للمرة الثانية خلال السنة الجارية، وصل رئيس الحكومة الليبية علي زيدان إلى الجزائر في زيارة مفاجئة لم يعلن عنها مسبقا، التقى خلالها بالوزير الأول عبد المالك سلال، ووزير الخارجية مراد مدلسي، كانت القضايا الأمنية وعلى رأسها ضبط الحدود ومكافحة التهريب في صلب المباحثات. وأوضح علي زيدان في بيان صحافي له أمس الثلاثاء، أنه التقى خلال زيارته للجزائر أمس مع الوزير الأول الجزائري عبد المالك سلال وبعض أركان الدولة الجزائرية وتناول اللقاء بحث القضايا الراهنة في المنطقة والقضايا ذات الاهتمام الثنائي خاصة قضية الأمن وتأمين الحدود وما تتعرض له منطقة الصحراء الكبرى من خروقات من قبل بعض المجموعات التي تشكل خطرا على الأمن بالمنطقة. ونقلت صحيفة ليبيا هيرالد الليبية الناطقة باللغة الإنجليزية عن مصادر اللقاء، أن مشكلة الأمن الحدودي كانت لها حصة الأسد في المباحثات الثنائية، حيث تشهد حدود البلدين نشاطا كبيرا للجماعات الإرهابية التي تقوم بعمليات نقل واسعة للأسلحة والمسلحين، بالإضافة إلى المخدرات التي أصبحت تشكل مصدر تهديد أساسي لدول المنطقة، خصوصا مع تفجر أزمتي شمال مالي، و جبل الشعانبي في تونس، الأمر التي دفع بالوزير الأول عبد المالك سلال إلى دعوة الدول المغاربية إلى تشديد الرقابة على حدودها لأن عمليات التهريب وصلت إلى درجات خطيرة. وأضافت الصحيفة أن الجزائر عززت تواجدها الأمني مؤخرا على المنطقة الحدودية مع ليبيا التي يبلغ طولها 900 كيلومتر، بعد أن أثبتت التحقيقات أن المهاجمين الذين نفذوا الاعتداء على منشأة الغاز في تيڤنتورين شهر جانفي الماضي قدموا عبر التراب الليبي، حيث قامت بنشر وحدات النخبة على طول الحدود، المرفقة بوسائل المراقبة الجوية. وتأتي زيارة رئيس السلطة التنفيذية الليبي المفاجئة إلى الجزائر قبل ساعات من وصول وزير الخارجية التونسي عثمان الجراندي في الوقت التي تشهد فيه المنطقة الحدودية بين البلدين تواصل المعارك التي يقودها الجيش التونسي ضد مسلحين في منطقة جبل الشعانبي، حيث أقام البلدان تنسيقا أمنيا بعد عودة التوتر عقب قيام المسلحين باغتيال ثمانية جنود تونسيين. ومن المنتظر أن يتناول اللقاء آفاق هذا التنسيق وسبل تعزيزه لحماية أمن الجارين المغاربيين، وتعميق التفاهم بينهما، خصوصا أن بعض الجهات الإعلامية حاولت الصيد في الماء العكر للإساءة للعلاقات التاريخية بين البلدين في الوقت الذي يتطلب مزيدا من التعاون. وتشير زيارة المسؤولين التونسي والليبي إلى حساسية الظرف الأمني الذي تمر به المنطقة في الوقت الراهن، التي تعاني منذ سنتين من عودة ملحوظة في نشاط الجماعات الإرهابية، التي وجدت نفسها في هامش تحرك واسع خصوصا بعد الفراغ الأمني الذي شهدته ليبيا عقب سقوط نظام معمر القذافي، والانقلاب العسكري الذي وقع في مالي، حيث وقعت أقاليمها الشمالية هدفا سهلا للجماعات المرتبطة بتنظيم القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي. من دون أن ننسى العامل الأساسي الآخر في تفجر الوضع الأمني المغاربي وهو انتشار الأسلحة على نطاق واسع، مما زاد من مستوى التهديد، الأمر الذي يحتم على الجزائروتونس وليبيا مواصلة التنسيق والتشاور لإعادة الأمن الغائب عن المنطقة.