العملية التي قامت بها وحدة من القوات الخاصة الأمريكية في ليبيا، التي تمكنت من إلقاء القبض على المدعو أبو أنس الليبي ونقله إلى الولاياتالمتحدة من أجل التحقيق معه في تهم تتعلق بالضلوع في الهجمات التي تعرضت لها السفارتين الأمريكيتين في العاصمتين الكينية والتنزانية عام 1994، إضافة إلى العملية التي لم تكلل بالنجاح في الصومال، لم تكونا عملية معزولة وعابرة، هكذا وصفتها صحيفة "كريستيان ساينس مونيتور" الأمريكية، التي اعتبرتها بداية لتوجه أمريكي هدفه "مكافحة الجماعات الإرهابية التي تنشط في منطقة شمال القارة الإفريقية وفي غربها وشرقها. ونقلت الصحيفة عن مصادرها أن العديد من التقارير حول تزايد التهديدات التي تتعرض لها الولاياتالمتحدة ومصالحها في هذه المناطق قد تم جمعها من طرف مسؤولين في الدبلوماسية الأمريكية وفي وزارة الدفاع "البنتاغون" أكدت بداية وضع هذه الاستراتيجية الجديدة كانت منذ سيطرة الجماعات المسلحة على شمال مالي والهجوم الذي تعرضت له منشأة الغاز في تيڤنتورين بالجزائر شهر جانفي الماضي. وأكد خبراء في الإرهاب العالمي للصحيفة، أنه لم يعد فرع القاعدة في شبه الجزيرة العربية هو الوحيد الذي تتم مكافحته عبر التدخل العسكري الأمريكي المباشر من خلال الطائرات من دون طيار أو تنفيذ عمليات خاصة على الأرض في اليمن التي تشهد أكبر تواجد للتنظيم في الآونة الأخيرة، حيث ستشهد مناطق كثيرة في القارة الإفريقية عمليات مماثلة من أجل القضاء على أي تهديد تتعرض له مصالح الولاياتالمتحدة وحياة مواطنيها. وحسب الخبير في مكافحة الإرهاب بمعهد "راند" لدى مداخلته أمام لجنة العلاقات الخارجية في مجلس الشيوخ الأمريكي، فإن الدافع الرئيسي الذي شجع الولاياتالمتحدة على المضي في تنفيذ عملية القبض على أبو أنس الليبي، التي كانت أول خطوة في تنفيذ الاستراتيجية الأمريكية الجديدة هو الهجوم الذي تعرض له المركز التجاري في كينيا قبل أسابيع، الذي "أظهر الحاجة الماسة" للقيام بتدخلات عسكرية في هذه الدول. وخلصت الصحيفة إلى أن الولاياتالمتحدة عرفت من خلال تجاربها في السنوات الأخيرة مع النشاطات الإرهابية أن الاستراتيجية التي انتهجتها غداة أحداث 11 سبتمبر 2001، التي تركزت على أفغانستان وباكستان وبعض المناطق في الشرق الأوسط باعتبارهما مركز تنظيم القاعدة في العالم لم تعد صالحة حاليا، حيث ظهرت منطقة شمال إفريقيا كمركز جديد للتهديدات ضد مصالحها ومصالح حلفائها. يذكر أن نقاشا كبيرا شهدته الساحة السياسية في الولاياتالمتحدة منذ شهر ماي الماضي حول إجراء تعديلات قانون مكافحة الإرهاب لعام 2001، يسمح بعمليات عسكرية إذا كانت الجماعات الإرهابية في هذه البلدان تابعة للقاعدة وأصبحت بالتالي "طرف نزاع"، مما يعني أن النص يمنح حق التدخل العسكري الأمريكي في الأماكن التي يتواجد بها إرهابيو القاعدة، حيث إن الجزائر معنية بهذا الشأن إن تم تعديل القانون.