صنفت مؤسسة "راند كوربوريشن" الأمريكية للأبحاث التي تقدم استشارات لوزارة الدفاع الأمريكية، جبهة التحرير الوطني التي خلصت الجزائر من 130 سنة من الاحتلال ضمن قائمة "المنظمات الإرهابية التي تخلت عن السلاح"، كما اعتبرت في دراسة حديثة لها قادة الثورة وكذا المنخرطين في باقي التنظيمات المصنفة على أنهم "إرهابيون ومجرمون وليسوا مجاهدين". ليلى.س أدرجت مؤسسة "راند" الأمريكية المعروفة بدراساتها المنجزة لصالح البنتاغون جبهة التحرير الوطني التي قادت حرب الاستقلال ضمن قائمة ضمت 27 منظمة إرهابية تخلت عن نشاطها بعد تحقيق أهدافها المسطرة، وتطرقت الدراسة التي تم نشرها أمس وجاءت في 253 صفحة إلى الوضع في الجزائر من خلال الإشارة إلى جبهة التحرير الوطني التي قادت ثورة التحرير كحركة إرهابية تخلت عن عملها بعد تحقيق أهدافها أي الاستقلال. ولم تتطرق الوثيقة التي جاءت في 253 صفحة إلى الثورة التحريرية المظفرة التي قادها الأفلان لتخليص الشعب الجزائري من نير الاستعمار طيلة سبع سنوات ونصف واجهت خلالها جبهة التحرير الوطني دبابات وقنابل المستعمر بالبنادق، وفي وقت تتعالى فيه أصوات المطالبين بالاعتذار للشعب الجزائري والتعويض عن المجازر التي اقترفها في حق الشعب الأعزل ذهبت مؤسسة الأبحاث الأمريكية إلى حد نفي صفة الجهاد عن قادة الثورة الذين نعتتهم بالمجرمين وصنفتهم في خانة الإرهابيين. ويأتي تصنيف الأفلان ضمن المنظمات الإرهابية في وقت تعد فيه الجزائر من بين أبرز دول العالم الداعية إلى التفريق بين المقاومة والإرهاب وضرورة الإسراع في تحديد مفهوم دقيق لظاهرة "الإرهاب"، وحددت الدراسة الأساليب الناجحة والآليات الحديثة الكفيلة بضمان نجاح الحرب ضد الإرهاب والقضاء على التنظيمات التي تنشط عبر العالم، حيث أوصت "راند كوربوريشن" بالاستعانة بالشرطة والاستخبارات بدلا عن الجيش لمحاربة تنظيم القاعدة. اعتبرت الدراسة جهاز المخابرات بمثابة العمود الفقري في جهود القضاء على الإرهاب على اعتبار أنها الأجهزة أفضل تسليحا لخرق المنظمات "الإرهابية" ومطاردة قادتها، كما دعت واشنطن إلى بالاستعانة بالشرطة والاستخبارات بدلا عن الجيش لمحاربة تنظيم القاعدة، وقال سيث جونز كبير المشاركين بالدراسة "تحليلنا يظهر أنه لا يوجد أي حل للإرهاب في ساحة المعركة". وبناء على دراسة 648 منظمة صنفت بأنها إرهابية ظهرت بين عامي 1968 و2006، استنتج التقرير الذي أعده الباحثون في معهد "راند كوربوريشن" أن أكثر الطرق شيوعا في إنهاء واختفاء تلك الجماعات كانت عبر العملية السياسية، في حين أكد التقرير أن 7% فقط من تلك المنظمات تم القضاء عليها عسكريا. وأشار التقرير إلى أن 43% من تلك المنظمات التي ليست على شاكلة تنظيم القاعدة الذي يملك أجندة واسعة، انتهت عبر اتفاقات سياسية، بينما تم القضاء على 40% من تلك الجماعات عبر اللجوء إلى قوات الشرطة والاستخبارات لاعتقال أو قتل قادتها. وطبقا للدراسة فإن ما سبق من نتائج يشير إلى وجوب "إعادة التفكير بصورة جذرية في إستراتيجية مكافحة الإرهاب بعد أحداث 11 سبتمبر2001، فالإستراتيجية العسكرية -كما أكد التقرير- لم تنجح، مشيرا إلى ظهور القاعدة على الحدود الباكستانية الأفغانية بعد سبع سنوات على هجمات سبتمبر. وتوصلت أيضا إلى استنتاج أن من وصفتهم بالجماعات الإرهابية الدينية تأخذ وقتا أطول من التنظيمات الأخرى للقضاء عليها، لكن أيا من تلك الجماعات لم تحرز نصرا على مدى 38 عاما التي غطاها التقرير، كما أن "الجماعات الإرهابية" وفق استنتاجات الدارسة، الموجودة في الدول عالية الدخل، معظمها تنتمي إما للجناح اليساري أو القومي وقليل منها حرض من قبل الدين. وتعرف مؤسسة راند التي خرجت إلي حيز الوجود في أعقاب الحرب العالمية الثانية كونها مؤسسة تقدم النصح للكثير من الشركات الخاصة، والمنظمات، ولحكومة الولاياتالمتحدةالأمريكية في قضايا متنوعة ومتشعبة، ابتداء من سياسات الصحة العامة حني التصدي لتهديدات الإرهاب الدولي، كما يتشكل مجلس أوصياء مؤسسة" راند" من عدد كبير من الشخصيات المرموقة مثل" بول أونيل" وزير الخزانة الأمريكية سابقاً, و"هارولد براون" أحد مستشاري مركز الدراسات الإستراتيجية والدولية.