يبدو أن شروع الجزائر في الرد على الاستفزاز المغربي بالتساهل مع مقتحم قنصلة الدار البيضاء بدأ يأخذ أبعاده، حيث جاء أول الغيث مقاطعة الاجتماعات والنشاطات السياسية التي قد تقام مستقبلا على الأراضي المغربية، حيث طلبت تأجيل مجلس وزراء خارجية دول المغرب العربي الذي كان مقررا نهاية نوفمبر الماضي الى أجل لاحق، وذلك في أعقاب الاستفزازات المتكررة من طرف الرباط عقب الاعتداء على القنصلية الجزائرية في مدينة الدار البيضاء، ثم الحكم الصادر عن القضاء المغربي ضد الفاعل الذي وصفه الناطق باسم وزارة الخارجية عمار بلاني الحكم الصادر بحق المدعو "حميد نعناع"، ب "الفضيحة"، حيث أكّد "إنّ المغرب تعامل مع القضية وكأنّ المتهم قام باقتحام كوخ مهجور، أو إحدى الملكيات الخاصة، متناسيا بذلك التزاماته الدولية وكذا مسؤوليته الكاملة على الاعتداء السافر الذي استهدف قنصلية الجزائربالدار البيضاء المغربية". فقد نقلت قناة "العربية" عما وصفته بالمصدر المسؤول في وزارة الخارجية أن "الجزائر رأت أنه من غير المناسب عقد مثل هذا الاجتماع في ظروف تعرف فيها العلاقات الجزائرية المغربية توترا كبيرا، وتكهرب الأجواء السياسية بين البلدين، منذ منتصف نهاية شهر أكتوبر الماضي". وأكد المصدر أن هذه الخطوة الجزائرية جاءت كردة فعل على حادث اقتحام القنصلية، والتساهل المغربي حيال منفذه ، حيث صرح بأن "الجزائر تتخذ قرارها بكل سيادة، بشأن تمثيلها في الاجتماعات المتعددة الأطراف التي ستعقد في المستقبل في المغرب، بسبب الأجواء المتوترة التي تميز العلاقات الجزائرية المغربية بعد الانتهاك غير المقبول لمقر القنصلية الجزائرية في الدار البيضاء، وعملية تدنيس العلم الوطني". وتأتي هذه الخطوة الجزائرية في مقاطعة جميع الفعاليات والاجتماعات السياسية في المغرب، بعد أن انتظرت صدور الحكم ضد مقتحم السفارة حميد نعناع الذي يعتبر من البلاط الملكي لكونه منضما فيما يعرف ب«جمعية الشباب الملكي"، والذي كان جد بسيط ورمزي مقارنة مع الجرم الذي ارتكبه بحق مبنى دبلوماسي يتمتع بالحماية الدولية والحصانة الدبلوماسية، فلم تتجاوز العقوبة شهرين حبس مع وقف التنفيذ، وغرامة مالية لم تتعد 22 أوروفقط، مع تكييف غريب للقضية التي اعتبرها القضاء المغربي كونها ليست سوى جريمة الاعتداء على ملك الغير، من دون النظر الى أن المكان الذي وقعت فيه هوبناية دبلوماسية تابعة لدولة ذات سيادة، وهو ما أظهر أن المغرب استغل محاكمة مرتكب الجريمة في توجيه المزيد من الرسائل المسيئة للجزائر. ومن المنتظر أن يستغل الإعلام المغربي طلب تأجيل الاجتماع الوزاري المغاربي في ممارسة "هوايته" المفضلة في مهاجمة الجزائر ودبلوماسيتها واتهامها بأنها تقف حجر عثرة في وجه المسار المغاربي، من دون العودة الى الأسباب الحقيقية وهي الألغام التي وضعها المخزن الذي كلما ضاقت به السبل، وتعرض لانتقادات لاذعة حول حقوق الإنسان في الصحراء الغربية، يوجه "حماقاته" نحو الجزائر، التي اعتمدت طريقة "عقاب" دبلوماسية على كل ما تعرضت له في الأسابيع الأخيرة من هجوم استعمل فيه المغرب كل الوسائل، من خلال مقاطعة مختلف الاجتماعات التي يحتضنها، وخاصة على المستوى المغاربي، فهي ستفقد جزءا كبيرا من قيمتها وزخمها بغياب الجزائر الفاعل الأكبر في الإقليم.