أرجأت المحكمة الابتدائية للدار البيضاء بالمغرب، أمس، النطق بالحكم في قضية حميد النعناع، مقتحم القنصلية العامة للجزائر بالدار البيضاء ونزع الراية الوطنية، إلى يوم 5 ديسمبر المقبل. وقال المتهم أمام المحكمة إنه اقتحم مبنى القنصلية الجزائرية وقام بإنزال الراية الجزائرية بدافع ”الوطنية” ومن أجل الدفاع عن ”السلامة الترابية”، فيما طالب دفاعه هيئة المحكمة بإطلاق سراح موكله، بحجة وجود ”عيوب” في الإجراءات. مثلما كان منتظرا، جرت أطوار محاكمة مقتحم القنصلية الجزائريةبالدار البيضاء وتدنيس العلم الوطني يوم 1 نوفمبر الجاري، باتجاه تكريس ”الفعل المنعزل” حول هذه الحادثة، وإبعاد الشبهات عن نظام المخزن في تدبير هذا الانتهاك الصارخ لسيادة الدولة الجزائرية وللمواثيق الدولية التي تفرض على الدول حماية السفارات والممثليات الدبلوماسية، حيث حرص المتهم حميد النعناع على التأكيد أمام المحكمة بأنه قام بفعلته بدافع ”الغيرة الوطنية”، وهو ما يراد من ورائه القول بأنه لم يكن مدفوعا من أي جهة، ما عدا حبه الشديد للمغرب. وبرر فعلته بأنها ”كانت بهدف الدفاع عن السلامة الترابية”، ردا على خطاب الرئيس الجزائري، عبد العزيز بوتفليقة، الذي تحدث فيه عن حقوق الإنسان في الصحراء الغربية. فهل هددت الجزائر السلامة الترابية للمغرب؟ على غرار تصريحات ذات طابع توسعي خطير تعلّق بالتراب الجزائري قام بها مسؤول حزب ”الاستقلال” المغربي حميد شباط، الذي طالب، في أفريل الماضي، ب«استرجاع تندوف وبشار وحاسي بيضة وقنادسة”، حتى يقوم حميد النعناع المنتمي لتنظيم ”الشباب الملكي” باقتحام مبنى قنصلية الجزائربالدار البيضاء وتمزيق الراية الوطنية، وهي القضية التي كيّفتها محكمة الدار البيضاء بتهمة انتهاك حرمة مسكن، وذلك وفق الفصل 441 من القانون الجنائي المغربي، الذي ينص في مادته أنه ”من دخل أو حاول الدخول إلى مسكن الغير، باستعمال التدليس أو التهديد أو العنف ضد الأشخاص أو الأشياء، يعاقب بالحبس من شهر إلى ستة أشهر وغرامة من مائة وعشرين إلى مائتين وخمسين درهما”. وحاولت رئيسة المحكمة منع النقاش حول هذه القضية أن يأخذ منحى أكثر سياسيا، من تأكيدها للحضور بأن ”هذه جريمة، وليس مسألة سياسية”، فيما ذهب دفاع المتهم، صلاح الدين بن عبد اللّه، للمطالبة في مرافعته بإطلاق سراح موكله، مسجلا بأن المحضر الذي يتحدث عن انتهاك منزل خاص ”تشوبه الكثير من العيوب”. على النقيض من ذلك طالب ممثل الحق العام بإدانة حميد النعناع على ”إتلاف ممتلكات خاصة”، وفي ذلك أكثر من مؤشر بأن السلطات المغربية تريد تصنيف هذا الاعتداء في خانة ”الحوادث”، والعمل بكل ما في وسعها لإخفاء وقوف المخزن وراء تدبيرها، خصوصا بعدما أعلنت الجزائر رفضها لمقولة ”الفعل المنعزل”، وطالبت بضرورة إشراكها في التحقيق حول اقتحام مبنى القنصلية.