شهد المجمع النفطي "سوناطراك" الذي يعد من أكبر شركات المحروقات في العالم، لتأمينه 98 في المائة من عائدات الجزائر من العملات الصعبة، وتحقيقه 95 بالمائة صادرات المحروقات سلسلة من فضائح الفساد، فبعد الفصل في قضية ما يعرف عنها ب«سوناطراك 1" أين تمت إدانة مديرها العام، محمد مزيان، بعامين حبسا نافذا عن اختلاس أموال عمومية إلى جانب إطارات آخرين بذات المجمع، ظهرت الحلقة الثانية لسلسة هذه الفضيحة، حيث فتحت نيابة مجلس قضاء الجزائر تحقيقات بشأن ملابسات قضية فساد لها صلة بإبرام عقود شراكة بين "سوناطراك" وشركة "إيني" و«سيبام" الإيطاليتين، حيث لازال التحقيق القضائي جار مع عشرات المتورطين، فيما تبقى أسماء أخرى ثقيلة متواجدة خارج الوطن، على غرار الوزير الأسبق، شكيب خليل الصادرة في حقه مذكرة توقيف إلى جانب فريد بجاوي، نجل شقيق الوزير الأسبق للشؤون الخارجية، لتكشف التحقيقات أن فضيحة "سوناطراك" هي امتداد لشبكة دولية لها فروع عبر قارات العالم ممن وصفت بأنها "تمتص دم سوناطراك بفضل آليات مالية معقدة". ...ونفطال على خطى سوناطراك الأم وعلى خطى فضائح المجمع النفطي سوناطراك، شهدت سنة 2013 قصفا متتال لقطاع المحروقات، فكان أبرز القطاعات بعدما اهتزّت مؤسسة نفطال التي كانت مرتبطة في سنوات سابقة إداريا بسوناطراك، على وقع فضيحة تخص التلاعب والعبث بالمال العام، فكانت هذه الفضية تكملة لمسلسل سوناطراك 1 و2. وهي القضية التي تورط فيها أزيد من 30 شخصا من بينهم رئيس مجموعة الأمن والوقاية، موظفون بالإدارة، وفوج الحراسة الليلي رفقة عدد كبير من المراقبين ومسيري محطات الوقود منهم الخواص ومنهم التابعين للمؤسسة، بعد اكتشاف تلاعب في كمية البنزين المعبأ بصهاريج المؤسسة على مستوى فرعها الكائن بالخروبة، حيث وردت معلومة إلى مصالح الأمن تؤكد وجود شاحنة من نوع "رونو" كان سائقها يجر صهريجا للبنزين، حيث قام بتعبئة الحمولة بواسطة فواتير مشكوك في صحتها ليجري التحقيق مع السائق الذي كشف عن شركائه وفي مقدمتهم رئيس مجموعة الأمن نفطال، على أساس أن الأخير عرض عليه نقل الوقود في الفترة الليلية بصهاريج ذات سعة 27000 لتر إلى محطات توزيع الوقود التابعة لبعض الخواص مقابل استلامه مبالغ مالية بلغت قيمتها 10 ملايين سنتيم عن الصهريج الواحد. ومن خلال استكمال التحريات، ثبت ضلوع رئيس الفوج الليلي المكلف بالتعبئة والشحن للصهاريج الذي اعترف بأنه فعلا كان طيلة ما يقارب 6 أشهر يهرب البنزين بطرق ملتوية باتفاق مسبق مع رئيس مجموعة الأمن، الرأس المدبر لاختلاس أموال المؤسسة ونهب الوقود باستعمال فواتير مزورة بتقنية جهاز السكانير كانت ترسل مع سائق شاحنة ليتولى السائق دور مراقبة الفواتير ومن تم توجيه الشاحنة إلى رصيف الشحن، وذلك بمشاركة أعوان للأمن والحراسة وموظفون بذات المؤسسة فكان لكل واحد منهم دوره في اختلاس الوقود من أجل جمع المال، بعدما تولى كل واحد تسهيل عمليات النهب إلى غاية وصولها إلى المصدر المستقبل قصد استغلالها وإعادة بيعها. وبعد اكتشاف وقائع هذه القضية وإحالة المتهمين على العدالة، تمت إدانة 6 منهم بعقوبات بالسجن تراوحت مدتها ما بين 6 و7 سنوات، فيما استفاد 5 آخرين بالبراءة، بينما أدين بقية المتهمين بعقوبات أخرى تراوحت ما بين 3 و5 سنوات بعد أن كانت تهددهم عقوبات بين 5 و10 سنوات سجنا نافذا، وفقا لالتماسات النيابة عن ارتكابهم جنح التزوير واستعمال المزور في محررات تجارية، اختلاس أموال عمومية، بالإضافة إلى جنحة استغلال الوظيفة. ..... وفضيحة فساد أخرى تطال سونلغاز ولم تنته فضائح ملفات الفساد بقطاع المحروقات، إذ مست مجددا الشركة الوطنية للكهرباء والغاز "سونلغاز" التي هي محل تحقيق من قبل قاضي تحقيق القطب الجزائي لدى محكمة سيدي امحمد بالعاصمة، للاشتباه في تورط مسؤوليها على غرار مديرها العام، نور الدين بوطرفة الذي سبق سماعه قضائيا إلى جانب أمينه العام ومديري الموارد البشرية والشؤون المالية والمحاسبة، وعددا من إطارات المؤسسة المتواجدين تحت الرقابة القضائية على خلفية قضية التوظيف عن طريق التراضي لشخص متواجد في سويسرا، الذي تم توظيفه كمستشار حر بأجرة شهرية تقدر ب150 مليون سنتيم دون التصريح بمنصبه الحقيقي. وحسب ما تداولته وسائل الإعلام، فإن مباشرة التحقيق في هذه الفضيحة، تم بناء على معلومة بلغت النائب العام لدى مجلس قضاء الجزائر، تفيد بتجاوزات في التوظيف وإبرام صفقات مشبوهة مع شركات أجنبية، ليخطر بدوره فصيلة الأبحاث للدرك الوطني، حيث تم اكتشاف أن المدعو "ب. ك« المتواجد حاليا بسويسرا، تم توظيفه بالوساطة لدى بوطرفة، كمدير للأنظمة المعلوماتية مقابل 12 مليون سنتيم كأجرة شهرية، إلا أن هذا الأخير رفض الأجرة، مما دفع مسؤولي المجمّع بتعيينه دون اللجوء إلى مناقصة وطنية، حسب القوانين المعمول بها، كمستشار حر بأجرة شهرية تقدر ب150 مليون سنتيم شهريا، وكان يحصل على نصف مبلغ أجرته بالعملة الصعبة تقدر ب5 آلاف أورو، حيث وقع المعني بالأمر، على عقد عمل سنوي على أساس أنه في منصب المدير العام للأنظمة المعلوماتية، بمبلغ إجمالي يقدر بمليار و200 مليون سنتيم، إضافة إلى 70 ألف أورو، موقع من طرف الأمين العام لسونلغاز. كما كشفت التحقيقات أن المستفيد من العقد عمل كمستشار للمؤسسة في سرية تامة طيلة 5 سنوات بينما كان يعتقد موظفو المؤسسة أنه يعمل بالأخيرة كمدير عام للأنظمة المعلوماتية للمجمّع، حيث أفادت التحريات بأنه أبرم صفقات بالتراضي مع شركات أجنبية بخصوص شراء عتاد خاص بالإعلام الآلي، حيث قام سنة 2006 بعقد صفقة مشروع النظام المعلوماتي لشركة سونلغاز بصفته مستشارا حرا، وهو ما يعتبر مخالفا للقوانين المعمول بها.