كشفت مصادر أمنية ل«البلاد"، عن أن تونس استعانت بالجزائر لمساعدتها في تفكيك القنابل التي زرعتها المجموعات الإرهابية المتحصنة في جبل الشعانبي، على الحدود الجزائريةالتونسية، التي تسببت في مقتل عناصر من الجيش التونسي وألحقت به خسائر مادية معتبرة، وذلك بالنظر إلى الخبرة التي اكتسبتها الجزائر في تفكيك القنابل خصوصا التقليدية منها خلال سنوات العشرية السوداء التي عاشتها، وأكدت أن التقارير الاستخباراتية، تشير إلى تورط زعيم تنظيم القاعدة في المغرب الإسلامي، عبد المالك دروكدال، المعروف بصناعته للقنابل التقليدية واستعمالها في هجماته الإرهابية، مما يوضح نيته في ضم المنطقة الحدودية بين الجزائروتونس إليه، بما فيها جبل الشعانبي، واستعمالها كقاعدة لتنفيذ عملياته ضد الجزائر ودول شمال إفريقيا. وأضافت المصادر ذاتها، أن التعاون الاستخباراتي بين الجزائروتونس في مجال مكافحة الإرهاب يسير وفق وتيرة سريعة، خصوصا بعدما طلبت تونس دعم الجزائر في القضاء على الإرهابيين المتحصنين بجبل الشعانبي، في خطوة للاستفادة من خبرتها في تمشيط الجبال خصوصا بالنظر إلى وعورة تضاريس جبل الشعانبي، وكذا خبرتها في تفكيك القنابل التي يستعملها المسلحون لمنع تقدم الجيش التونسي نحو معاقلهم، لأن الجيش الجزائري أصبح على دراية كبيرة بأن عبد المالك دروكدال متخصص في صناعة المتفجرات، وخبرته جعلت عددا من التنظيمات المسلحة الأخرى تستعين به مثل جماعة "بوكو حرام"، كما أصبح يعرف إمكاناته جيدا وطريقة صنعه للقنابل وحتى المواد التي يستخدمها، ولهذا فرضت الجزائر الرقابة على بعض المواد في مقدمتها "الزئبق" الذي كان يستعمله كشرارة للتفجير، وحتى الأسمدة الفلاحية، هذه الأخيرة أصبحت تمنح للفلاحين بشروط أبرزها امتلاك بطاقة الفلاح، وبكميات تتماشى مع مساحة الأرض المزروعة، خوفا من أن توجه الكميات الزائدة لدعم الجماعات الإرهابية، وقطع المواد عنه جعلت نشاطه التفجيري يتراجع في الجزائر، وبعد عدة سنوات، أصبح الجيش الجزائري يملك القدرة على تفكيك قنابله، كما أن معرفته بنقاط ضعف زعيم القاعدة، تمكنه من فرض الخناق، وإحباط مخططاته الدنيئة. ولعل تراجع نفوذ دروكدال على الصحراء ومنطقة الساحل، بعد سيطرة مختار بلمختار المدعو "الأعور" عليها، جعلته يصوب أنظاره على الحدود الجزائريةالتونسية وبالضبط جبل الشعانبي، لتحويلها إلى قاعدة لتنفيذ هجماته على الجزائر ودول الجوار، وإعطائها الطابع المغاربي، حيث كشفت المصادر الأمنية، أنه يهدف للاستثمار في العنصر البشري، من خلال تجنيد عناصر تونسية وتنظيمات على غرار "جماعة النصرة" و«أنصار الشريعة"، هذا الأخير الذي أعلن ولاءه للتنظيم منذ فترة، واستغلال الأوضاع التي تعيشها تونس وليبيا، وانتشار السلاح في المنطقة، ليزيد نفوذه، خاصة أنه لم يهضم بعد فشله في استعادة الصحراء الكبرى والساحل من "الأعور"، هذا الأخير، الذي حظي بدعم أمراء الصحراء، ومعرفته بخبايا المنطقة، مكنته من بسط يده عليها، ليأخذ الكرة من ملعب تنظيم القاعدة في المغرب الإسلامي، الذي كان ينتمي إليه، قبل أن ينشق عنه بسبب خلافات مع زعيمه "عبد المالك دروكدال"، ويؤسس تنظيمه الخاص. وحذّر خبراء من أن تقسيم منطقة شمال إفريقيا والساحل، بين اثنين من أخطر الإرهابيين، "دروكدال" و«الأعور"، يجعل الجزائر عرضة لخطر كبير، خاصة أنهما يملكان عداوة كبيرة تجاهها، بعدما تمكنت من كشف وإحباط عديد المخططات التي أرادا تنفيذها، كما أن سيطرة المسلحين على مدينة درنة الليبية، وإعلانها عاصمة للدولة الوهابية بشمال إفريقيا، سيزيد من حجم الخطر، مما يستدعي من السلطات تعزيز التواجد العسكري على الحدود، خصوصا في هذه الفترة التي تشهد إقبال البلاد على الانتخابات الرئاسية.