ووري صباح أمس، جثمان جعايني يوسف، البالغ 35 سنة الثرى، الذي حاول الانتحار حرقا أمام مقر دائرة المنيعة بغرداية، وسط حضور لافت لأعيان المنيعة، في وقت غاب الرسميون عن جنازة الشاب. وكان يوسف الذي تأثر بحروق من الدرجة الثالثة، قد لفظ أنفاسه الأخيرة داخل مدرج مطار مفدي زكريا بغرداية، في وقت كان الطاقم الطبي الذي تكفل به بصدد نقله إلى مصلحة معالجة الحروق بمستشفى الدويرة في الجزائر العاصمة، بعدما فشلت الجهود الطبية في إنقاذ حياته لخطورة الحروق التي غطت أنحاء متفرقة من جسمه، بعدما مكث مدة 48 ساعة كاملة بمستشفى الدكتور سيدي طيرشين عباز بغرداية قبل نقله إلى قسم الاستعجالات الطبية العقيد شعباني بمدينة المنيعة على بعد 270 كلم جنوب شرق الولاية. في هذا السياق، نفت عائلة جعايني أن يكون فقيدها يعاني من اضطرابات نفسية أو اختلال عقلي بل قدمت كامل الدلائل المادية التي تثبت صحة ابنها ومروره بسلامة جسدية، مطالبة في آن واحد من وزير الداخلية والجماعات المحلية بالتحقيق في ظروف مصرع ابنها الذي طالب بحق دستوري ولم يثر الشارع ضجيجا أو صخبا من ذي قبل. على الصعيد الميداني، نصب عشرات الشباب خيما قبالة مبنى الدائرة احتجاجا على صمت السلطات إزاء القيام بإجراءات سريعة ردا على مصرع يوسف ونجاة زميله "جاودة مصطفى" البالغ 24 سنة من ألسنة النيران التي كادت أن تلتهم جسده لولا تدخل بعض العقلاء الذين سارعوا إلى انتزاع الولاعة من يده، وأصرت المجموعة المحتجة على مواصلة التظاهر إلى غاية إلغاء القائمة السكنية ومحاسبة المتسببين في نيران الغضب الشعبي التي تشهدها منطقة منيعة، ونقل شاهد عيان ل"البلاد" شعارات رفعها المحتجون لليوم الثامن على التوالي أمام مقر الدائرة الذي بدا مشلولا كليا في غياب رئيس الدائرة الذي توارى عن الأنظار، طالبوا فيها الوالي بالتحقيق مع رئيس الدائرة لامتناع هذا الأخير عن استقبال المحتجين والتعاطي مع مشاكل المواطنين بجدية وهو ما يخالف جملة وتفصيلا تعليمات الدولة في تقريب الإدارة من المواطن والقضاء على البيروقراطية في الإدارات ونتيجة ذلك دفعت أحد الشباب إلى التضحية بنفسه في أغرب حادثة تعرفها منيعة.