ستكون المعركة الهولندية المكسيكية غاية في التكافؤ، وربما تحسمها تفاصيل بسيطة، لكن الأكيد أن المتعة ستكون حاضرة لمشاهديها، حيث سيشهد ملعب "بلاسيدو ألديرالدو كاستيلو" بمدينة فورتاليزا بالبرازيل المواجهة النارية الثالثة لهذا الدور بين هولندا، متصدرة المجموعة الثانية، والمكسيك، وصيفة المجموعة الأولى، في دور الثمن النهائي، حيث قدم كلا المنتخبين في مرحلة المجموعات ما يشفع له لبلوغ أبعد نقطة في البطولة، ويصطدم طموح منتخب الطواحين الهولندية في الوصول إلى نهائي بطولة كأس العالم، للمرة الثانية على التوالي، بمنتخب المكسيك أحد مفاجآت المونديال وأكثرها ثباتا في المستوى وصلابة دفاعية. وحقق المنتخب البرتقالي العلامة الكاملة في مجموعة صعبة ضمت إسبانيا، حاملة اللقب، وتشيليوأستراليا، ونجح في العبور لدور الستة عشر النهائي متفوقا على وصيفه اللاتيني، مما جنبه الصدام بصاحب الضيافة منتخب البرازيل، الذي تصدر المجموعة الأولى، كما استفاد "الطواحين" من خبرة المدرب لويس فان غال، الذي صنع منتخبا شابا بقدرات فنية هائلة، وأصقل مواهب الدوري المحلي بمزجها مع خط الهجوم الناري الذي يتصدره روبن فان بيرسي، وأرين روبن ويسلي شنايدر، وإن كان الأخير لم يقنع حتى الآن. هذا وكان فان غال وكتيبته قد استهلوا البطولة بأروع طريقة ممكنة، حيث انتقموا لخسارة بلادهم في نهائي النسخة الماضية في جنوب إفريقيا أمام الإسبان، بفوز كاسح بخمسة أهداف مقابل واحد، في أمسية تألق خلالها الثنائي روبن وفان بيرسي (كل منهما سجل هدفين). المهمة كانت أصعب في المباراة الثانية أمام منتخب أستراليا، الذي لعب بطريقة هجومية مفتوحة ليعوض خسارته الأولى أمام الشيلي، غير أن خبرة فان غال ولاعبيه رجحت كفته، ليحقق النصر بنتيجة 32 بفضل البديل الذي دفع به ميرفيس ديباي، حيث أحرز هدف الفوز، وسبقه في التسجيل النجمان روبن وفان بيرسي أيضا. وختاما رجح فان غال كفة الهولنديين أمام تشيلي في مباراة هادئة لحسم الصدارة، حيث دفع بالبديلين ديباي وليروي فير، وسجلا الانتصار بهدفين نظيفين. وتتسلح هولندا في مباراتها المقبلة في دور ال16 بخبرة فان غال في المقام الأول، وبقوة دفاعها رغم عدم احتوائه على أسماء لامعة، لكنه جعل منهم نجوما، وعلى رأسهم الظهير دالي بليند، ويعاونه دي فريغ ورون فلار وإندي ويانمات، ويتقدمهم الثنائي نايغل دي يونغ وجوناثان دي غوزمان. أما عناصر الحسم في الهجوم فتتوفر في وجود روبن وفان بيرسي، حيث يعيش الثنائي أفضل حالاتهما ويتواجدان بقائمة الهدافين بثلاثة أهداف لكل منهما، مع انتظار أداء أفضل من شنايدر. وبالانتقال إلى جهة المقابلة، فقد بدأ المكسيك البطولة بفوز على الكاميرون بهدف وحيد وأداء مقنع، في مباراة تغاضى فيها الحكم عن هدفين صحيحين لجيوفاني دوس سانتوس، وكان الأداء الأمتع على الإطلاق أمام البرازيل، حيث تعرض صاحب الضيافة للإحراج بعجزه عن هز شباك أوتشوا، فضلا عن تلقيه تهديدات مستمرة على مرمى جوليو سيزار، وفرض رجال هيريرا التعادل السلبي، لتثبت المكسيك جدارتها بالتأهل لدور ال16 بالفوز الكبير على كرواتيا (31)، رغم أن المواجهة كانت تبدو شديدة التكافؤ قبل انطلاقها. مما جعل منتخب ال"تري كولور" يبهرون العالم بأدائهم خلال الدور الأول وبتنظيمهم الخططي وتألق لاعبيهم، رغم أن معظمهم من المحليين، وعدم احتوائه على نجم "سوبر" باستثناء المهاجم خافيير هرنانديز (تشيتشاريتو) "البديل" في المنتخب وفي فريقه مانشستر يونايتد الإنجليزي. وعرف المنتخب المكسيكي بصلابة دفاعه في وجود المخضرم رافائيل ماركيز، والشباب مورينو ولايون وأغيلار وفران رودريغز وفاسكيز، ولم تستقبل شباكه سوى هدف واحد في ثلاث مباريات، كما أذهل الحارس غييرمو أوتشوا الجميع بمستواه المتميز، خاصة أمام البرازيل، فيما تتوافر بوسط الملعب وبخط الهجوم عناصر متميزة مثل دوس سانتوس وغواردادو وبيرالتا وتشيتشاريتو، وهي كلها معطيات تجعل المنتخب المكسيكي مستعدا لمواجهة الطواحين الهولندية. المدرب الهولندي فان غال: "نحترم المكسيك لكن طموحنا الوصول إلى الأدوار المتقدمة" أشار لويس فان غال، مدرب المنتخب الهولندي عن رغبته في أي يتمكن فريقه من تجاوز عقبة المنتخب المكسيكي الذي أبان عن صلابته الدفاعية خلال مباريات الدور الأول خصوصا في ظل تألق حارسه الأنيق أوتشوا، وقال فان غال: "ندرك أن المكسيك منتخب قوي ونحترمه، ونحن أيضا نملك ترسانة قوية من اللاعبين وطموحنا هو الوصول إلى الأدوار المتقدمة، ولا نريد سوى ذلك". وواصل ذات المدرب، قائلا: "مباراتهم المكسيك ضد المنتخب البرازيلي كشفت لي عن الكثير من الأمور، خصوصا على مستوى الدفاع ونحن مطالبون باختراق دفاعهم لتسجيل الأهداف"، وهذه دعوة للاعبيه من أجل إيجاد الحلول التي من شأنها فك الشفرة الدفاعية للمكسيكيين الذين تلقوا هدفين فقط خلال الدور الأول. المكسيكي هرنانديز: "نطمح للوصول إلى الأدوار النهائية ولن تخيفنا هولندا" أكد المهاجم المكسيكي خافيير هرنانديز، عزم رفاقه على الفوز بالمباراة التي ستجمعهم بالمنتخب الهولندي، وقال خافيير أن الوصول إلى الدور الثمن النهائي لا يعني أنهم وصلوا إلى تحقيق مبتغاهم نهائيا، وإنما هناك بعض الأهداف التي لم تتحقق بعد، وهي الوصول إلى الأدوار المتقدمة جدا، قائلا: "بصراحة نطمح للعب الأدوار النهائية، والوصول إلى الثمن النهائي ليس بالإنجاز الكبير الذي يمكننا الفخر به بالنظر إلى تاريخنا في مثل هذه المواعيد الكبرى". وتابع: "سنتحداهم، وسنفوز عليهم لن يخيفوننا، لأننا قادرون على الصمود أمام قوتهم الهجومية، وسنكون في المواعيد"، وهذا في إشارة إلى القوة الهجومية للمنتخب الهولندي لما يتميز به لاعبيه من السرعة والقدرة على الانفلات من الرقابة.