أكد الوزير الأول الفرنسي السابق، ميشال روكارد، أن مساعي الرئيس نيكولا ساركوزي في تنظيم سياسة الهجرة الفرنسية من خلال حملة التطهير العرقي التي شنها بعد أحداث الشغب المندلعة بمدينة غرونوبل، لن ترى النور أبدا، معتبرا أن ''اللهجة الساركوزية تجاه قضية الهجرة دخيلة على مجتمع ديمقراطي من جهة، وغير مؤهلة لنيل الصبغة القانونية من ناحية أخرى بدليل أن مجلس الدولة والمجلس الدستوري سيرفضان هذه المبادرة المنافية لمبدأ احترام الحقوق''. وأفصح روكارد، أن ''ساركوزي سيدفع ثمن هلوسته باهظا وهو يستحق ذلك''، مضيفا ''أن المسؤول الأول على إدارة قصر الإليزيه عمل من خلال خطابه العنصري غير المتزن على إشعال حرب أهلية مستقبلا''. وكشف المتحدث أن التحكم الأمثل في ملف الهجرة -الذي يعد أحد النقاط السوداء التي عرقلت مساعي إعادة الدفء للعلاقات الفرانكوجزائرية وتخليص محور الجزائر- باريس من رواسب الاحتقان بين البلدين- لا يتجسد عبر سن قوانين ردعية وإنما من خلال تخفيف الضغط وتبني إستراتيجية منطقية تقوم على مبدأ المساواة في الحقوق. ووجه التيار اليساري بفرنسا، اتهاما لاذعا للرئيس نيكولا ساركوزي لإقحامه ورقة الجنسية ضمن حملته الانتخابية التي أعلن عنها بطريقة غير مباشرة بمنطقة غرونوبل وذلك من خلال الإجراء الذي دعا إلى تقنينه بعد إخضاعه للمناقشة شهر سبتمبر المقبل والمتعلق بتجريد الفرنسيين من أصول أجنبية من جنسيتهم الفرنسية في حال ارتكابهم لبعض الجرائم أو المخالفات. كما أعرب رئيس الاتحاد المسيحي الديمقراطي، كريستيان بوتان، عن صدمته حيال الخرجة الأخيرة لساركوزي التي ركزت على ربط ملف الهجرة الحساس بقضية الانحراف، وهو الموقف الذي تبناه النائب الفرنسي، إيتيان بانت قائلا ''مساعي ساركوزي تؤكد لسوء الحظ فشل سياسته في تحقيق الاندماج والوحدة والتجانس على التراب الفرنسي''. وأثارت تصريحات ساركوزي المتطرفة والمستقاة من أفكار اليمين المتطرف، جدلا حادا على الساحة الإعلامية الفرنسية، حيث وصفت جريدة ''ماريان ''2 في عددها الأخير، نيكولا ساركوزي، ب''المنحرف'' جراء سياسته إزاء المهاجرين والتي تسعى في وجهها العام إلى تأجيج الصراعات العرقية والتمييز بين الفرنسيين الأصليين والمجنسين وهو الأمر المخالف للبنود الدستورية، كما تهدف في الصورة الخفية إلى تدارك الفشل الذي مني به الرئيس إزاء قضية تنظيم الهجرة الانتقائية وعدم إيفائه بوعوده التي قطعها لشعبه عند اعتلائه كرسي الرئاسة. ويرى العديد من المتتبعين أن ''انتفاضة'' ساركوزي لا تعد شأنا فرنسيا داخليا وإنما تتعلق بالملايين من أعضاء الجاليات المتواجدة بفرنسا، بما فيهم المهاجرين الجزائريين الذين يمثلون أكثر الجاليات تواجدا هناك مما يستدعي تدخل الجهات العليا في البلاد لحمايتهم من بطش السياسة المعادية للأجانب بفرنسا.