تظاهر نشطاء تونسيين أمس، أمام مقر وزارة الداخلية في العاصمة تونس للتنديد ب"استمرار" تعرض موقوفين للتعذيب في مراكز أمن و"إفلات الشرطة من العقاب". ورفع المشاركون في التظاهرة التي دعت اليها أكثر من 20 جمعية ومنظمة حقوقية غير حكومية، لافتة كُتِب عليها "يسقط الجلادون، ويسقط حلفاؤهم في القضاء". وقالت المحامية والحقوقية راضية النصراوي إن "ممارسة التعذيب مستمرة" في تونس حتى بعد الثورة التي أطاحت مطلع 2011 بنظام الرئيس المخلوع زين العابدين بن علي. وتقول منظمات حقوقية إن التعذيب كان "ممارسة منهجية" في السجون ومراكز الإيقاف خلال فترة حكم بن علي الذي حكم البلاد منذ عام 1987 وحتى سقوط نظامه في مطلع 2011. ولم يتم إجراء أي تحقيق شامل في الوسائل البوليسية في عهد بن علي ولا يزال العديد من المسؤولين عن انتهاكات لمعتقلين يتولون مهامهم، بحسب منظمات غير حكومية. وتشير هذه المنظمات إلى أن التعذيب لم يتوقف بعد الثورة وأن عناصر الشرطة الضالعين فيه "يفلتون من العقاب"، في حين تقول وزارة الداخلية إن الأمر يتعلق ب"حالات معزولة". وأضافت راضية النصراوي "لدينا انطباع أن الشرطة تستقوي بشعور الإفلات من العقاب". من ناحية أخرى، خلت برامج الأحزاب المرشحة للانتخابات البرلمانية المقررة في 26 من الشهر الحالي من مقترحات لمعالجة قضية عائلات ضحايا النظام السابق، التي تصر على كشف هوية قتلة أبنائها خلال أحداث الثورة. وفي حين رفعت الكثير من الأحزاب شعار محاسبة المسؤولين في عهد النظام السابق، وإنصاف عائلات الضحايا خلال حملة انتخابات المجلس التأسيسي عام 2011، ركزت الحملات الحالية على محاور تتعلق بالأمن والإصلاح الاقتصادي. وحول هذا يقول عمر الصفراوي رئيس التنسيقية المستقلة للعدالة الانتقالية، وهو أحد المحامين الذين ترافعوا في قضايا شهداء الثورة، إنّ ملف هؤلاء الضحايا "أصبح في طي النسيان" بعدما كان شعارا سياسيا في الانتخابات السابقة لاستمالة الناخبين. وأوضح المتحدث أنّ برامج الأحزاب السياسية التي تخوض حاليا حملتها الانتخابية لا تتضمن مطالب أو مقترحات لإنصاف عائلات شهداء وجرحى الثورة، معتبرا أن ذلك "يدخل في برنامج كامل لطي ملف محاسبة رموز النظام السابق". ويخلص إلى أن تأخر تفعيل العدالة الانتقالية كركن من أركان القطع مع النظام السابق إضافة إلى صدور أحكام مخففة في حق رموز من النظام القديم اتهموا بقتل المتظاهرين خلال أحداث الثورة، "يظهر بوضوح أنه لم تكن هناك إرادة للمحاسبة".