أثبتت الزيارة الأخيرة التي أداها الوزير الأول عبد المالك سلال إلى فرنسا أن العلاقات الثنائية بين البلدين تسير في الجانب المشرق مقارنة بالمسافة التاريخية التي تفصل البلدين، حيث أمطرت سماء باريسوالجزائر بوابل من الاتفاقيات ومذكرات التعاون منذ اتفاقية الصداقة التي وقعها رئيس الجمهورية عبد العزيز بوتفليقة مع الرئيس الفرنسي فرنسوا هولاند في خريف 2012. واستغل الوزير الأول عبد المالك سلال فرصة عقد اللجنة الحكومية المشتركة بين البلدين للتذكير بالمكاسب التي حققها الطرفان في الآونة الأخيرة وانعكاس ذلك إيجابيا على العلاقات السياسية والاقتصادية التي تربط الدولتين فالرؤى الإقليمية موحدة والزيارات المتبادلة لمسؤولي البلدين تعطي انطباعا بانسجام لم يسبق أن سجلته فصول علاقات باريسبالجزائر بماضيها الاستعماري الأسود ومحاولاتها النيل من سمعة الجزائر في تسعينيات القرن الماضي وفي هذا السياق قال سلال "إن سوء التفاهم بين البلدين أصبح جزءا من الماضي وحل محله جو من الثقة المتبادلة تشكل قاعدة للحوار السياسي الجزائري الفرنسي". مقابل ذلك، لم يغفل الوزير الأول على التشديد بضرورة فتح الملفات العالقة بالذاكرة المشتركة بين البلدين، مبديا ارتياحه في هذا الصدد لتقدم وتيرة التعاون في كل من قضية اتفاق الهجرة لسنة 68 والأرشيف وقضية ضحايا التجارب النووية في رڤان وخلص سلال إلى القول إنه رغم تعقد بعض الملفات المشتركة إلا أن تحقيق أي تقدم في العلاقات بين البلدين يعتبر في حد ذاته إضافة ينبغي الدعوة إليها. ومن الباب الأمني فضل الوزير الأول الفرنسي مانيول فالس مدح العلاقات الثنائية الجزائرية الفرنسية، واصفا التعاون في مجال مكافحة الإرهاب والتنسيق الإقليمي "بالممتاز" ومثمنا في الوقت نفسه جهود الجزائر لبسط السلام في مالي وليبيا. كما فضل فالس أن يدير ظهره لقضاء بلاده الذي يعوي في أسطوانة "المؤامرة" وعدم التعاون"، مؤكدا أن السلطات القضائية الجزائرية تتعاون بشكل إيجابي فيما يتعلق بقضية "تيبحيرين" أو "هيرفي غوردال"ويرى المتتبعون لمسار العلاقات بين باريسوالجزائر أن البلدين الذين يعتمدان اليوم على نمط جديد في العلاقة السياسية بينهما يستند أساسا على المصالح الاقتصادية المشتركة بعد أن بقيت الأخيرة لعدة سنوات خلت تستند لعلاقات سياسية متقلبة.