قبل تعيينه على رأس المنتخب الوطني، كان الفرنسي كريستيان جوركوف رمزاً من رموز نادي لوريان، الذي بدأ فيه مسيرته عام 1982 بصفته لاعباً ومدرباً، قبل أن يودعه في الصيف الماضي بعدما منحه الإستقرار في النخبة الفرنسية لما يقارب عقداً من الزمن. وخص المدرب الفني ابن الشمال الفرنسي موقع FIFA.com بمقابلة حصرية تطرق فيها لتجربته الجديدة خلال الأشهر الستة الماضية. وأكد الناخب الوطني كريستيان غوركوف ان كرة القدم تعتبر مصدر تمتع و إلهام الجزائرين ، حيث أشاد بالمستوى الفني للاعبين الخضر على غرار ياسين براهيمي و سفيان فيغولي ، اما بخصوص كأس أممم إفر يقيا الفارطة فقد كشف المدرب السابق لنادي لورين ان الظروف التي مرت بها الدورة كانت صعبة مؤكدا في نفس الوقت ان الفريق إستقادة كثيرا من حيث المنافسة و الإحتكاك إلا ان ذلك لم يمنعه من وصف الحصيلة النهائية للخضر بغينيا الإستوائية بالمخيبة للأمال بإعتبار ان المنتخب الوطني كان قادرا على التتويج بالدورة على حد قوله. أما بخصوص مستقبله مع الخضر فقد ألمح غوركوف إلى إمكانية بقائه لمدة طويلة على رأس العارضة الفنية للمنتخب الوطني مستدلا بتجربة المنتخب الالماني و إستقرار طاقمه الفني و الدي توج بأغلى الألقاب العالمية. "البلاد.نت" ينشر لكم هنا الحوار كاملا مثلما جاء في موقع "FIFA.com". موقع FIFA.com: سيد جوركوف، هل كنت تحلم منذ فترة طويلة بنيل الفرصة لخوض تجربة دولية؟ كريستيان جوركوف: إذا كان المقصود بالحلم هو التخطيط لمثل هذه التجربة، فيمكنني القول إنني لم أكن أحلم بذلك. إنه شيء بُني مع الوقت، ولكنه لم يكن مخططاً له سلفاً. في تطور مسيرة المدرب، يجب ممارسة التدريب في النادي لاكتساب التجربة أولاً ومن ثم جني الفوائد في المنتخب وتحسين الأداء. ينبغي أن تسير الأمور وفق هذا الترتيب. لم أكن أتخيل نفسي على رأس إدارة منتخب وطني قبل بضعة أشهر عندما كنت لا أزال أعمل في النادي بشكل يومي. بالنسبة لك، ما الذي تغير أكثر في طريقة عملك، وأنت الذي دربت على مستوى الأندية لأكثر من 30 عاماً؟ اليوم، يتركز عملي أكثر على الجانب المتعلق بالنوعية، وهذا يناسبني. لدي المزيد من الوقت للتحضير للتدريبات. أسافر وأتنقل في كل مكان لمعاينة اللاعبين. ومع ذلك، من المحبط أن يتعذر عليك العمل مع الفريق لوقت أطول أو بقدر ما تريد أو خلال فترة كافية لإنهاء اللمسات على بعض التوليفات التكتيكية، أو حتى للتعامل مع الجوانب المتعلقة بالإعداد البدني. فعندما يكون الفريق في معسكر تحضيري، يمكننا تقييم مدى الجاهزية، ولكن ليس هناك متسع من الوقت للتأثير بشكل مباشر. في لوريان، نجحت في ترسيخ أسلوب قائم على حيازة الكرة والبناء الجماعي. هل من السهل تطبيق ذلك في المنتخب؟ من الواضح أن الأمر أصعب هنا، لأن لدينا وقتاً أقل لإتمام التوليفات التكتيكية. ولكني كنت أعي صعوبة ذلك حتى قبل أن أتولى منصبي هذا. قد يكون هذا أيضاً السبب الرئيسي لعدم شعوري بالإستعداد لقيادة منتخب وطني قبل بضع سنوات. أما اليوم، فهذا تحدٍّ بالنسبة لي، حيث يجب أن أترك تأثيراً في الفريق خلال وقت قصير جدا. أنا أبحث عن النوعية وتحقيق أقصى استفادة من الوقت الذي أقضيه مع اللاعبين. هذا ما يحفزني في هذه المهنة. هل لك أن تصف لنا خصائص لاعبيك في الفريق الجزائري؟ من الناحية الفنية، الكرة هي مصدر متعتهم أثناء اللعب. لاعبون أمثال ياسين إبراهيمي وسفيان فيغولي يتنفسون شغف كرة القدم ويشعرون بالفرحة أثناء اللعب. ومن الناحية الإنسانية، اكتشفت فريقاً يعج بالحيوية. لا أريد أن أقع في مغبة التمجيد الرخيص، ولكن هذه الحيوية العاطفية أدهشتني في البداية. لقد وجدت مهارة عالية في تبادل الكرات بشكل لم نعد نراه في أندية الدوري الفرنسي الممتاز. أشعر بالإنشراح عندما أعمل مع هؤلاء اللاعبين، حتى لو اقتصر الأمر على معسكرات المنتخب. الأجواء رائعة ومرحة في هذه المجموعة، حيث يسود التضامن والتآزر. لكن تُطرح بعض المشاكل أحياناً. فعلى سبيل المثال، يشعر البعض بالإحباط عندما لا يلعبون، ولكن هذا يحصل في كل المنتخبات. ما هي الأشياء التي تصر عليها أكثر في عملك مع لاعبيك؟ بشكل عام، أصر على الروح الجماعية، وعلى أهمية الإستمتاع باللعب مع بعضهم البعض، واللعب لبعضهم البعض. ذلك أن متعة اللعب معاً لا تتحقق إلا بالإلتزام تجاه زملائك. عندما يتفق الجميع على هذا المبدأ، يمكن للفريق أن يمضي قدماً. أما إذا لم يُراعى ذلك، فقد يذهب سداً كل ما نقوم به على المستوى التكتيكي. كيف عشت مغامرة الجزائر في كأس العالم FIFA، مع العلم أنك كنت تعرف أنك قد تصبح المدرب الجديد لفريق ثعالب الصحراء؟ الشيء الأصعب بالنسبة لي كان هو الإنتظار في موقف يشوبه بعض الغموض. المسابقات الدولية التي تشارك فيها المنتخبات لا تتطابق مع مرحلة استعدادات الأندية لبداية الموسم الجديد. لذلك كان علي المجازفة بعض الشيء من خلال الإنتظار. فقد تابعت الفريق خلال مشواره في البطولة وأنا أتصور نفسي على رأسه في المستقبل. ليس من السهل أن تعيش وضعاً مماثلاً. وعلى أي حال، فقد أظهر أعضاء الفريق تضامناً كبيراً وتضحية لا مثيل لها. دعنا نتحدث عن تلك المباراة الملحمية في ثمن النهائي ضد ألمانيا التي تُوجت بطلة للعالم لاحقاً. هل سهَّل ذلك الأداء عملك أم أنه جعل الأمر أكثر تعقيداً نظراً لما ترتب عنه من توقعات كبيرة وآمال طموحة؟ لقد جعله أكثر تعقيداً بطبيعة الحال! فمن الناحية الفنية، أنا أتَّبع نهجاً مختلفاً عن ذلك الذي كان يعتمده المدرب السابق، بينما كان الفريق لا يزال يعيش على ذلك النجاح وكانت وسائل الإعلام لا تزال تحتفي بتلك الأمجاد. بدأت عملي بخوض التصفيات مباشرة، ولذلك كان من الواجب إتمام المهمة على الوجه الأمثل. كانت المباراتان ضد إثيوبيا ومالي في غاية الأهمية. كانت بداية جديدة، ولذلك كان عليَّ تحديد الخيارات التكتيكية التي كنت أنوي العمل وفقها، بل وكان يتعين عليَّ التحلي بما يكفي من البراعة لضمان الإستمرارية. أعتقد أن المهمة أُنجزت بنجاح، حيث مرت تلك المرحلة من التصفيات بشكل جيد. كما كان لي ميزة أيضاً، حيث لمست تجاوب اللاعبين معي وقربهم مني، علماً أن ذلك كان شرطاً من شروط قبول تعاقدي مع الإتحاد الجزائري. لم يكن ذلك أمراً مضموناً سلفاً، ولكنه كان عنصراً إضافياً دفعني لركوب هذا التحدي. ما هي الإستنتاجات التي استخلصتها من كأس الأمم الأفريقية 2015 التي كانت تجربتك الأولى في مسابقة دولية كبرى، حيث خرجتم من ربع النهائي على يد كوت ديفوار؟ كانت تجربة غنية في نواح كثيرة. فمن حيث المنافسة، كنا ندرك أن الظروف صعبة في ملاعب أكثر ملاءمة للفرق التي تعتمد على القوة الجسمانية بالأساس. حتى وإن كنت تتوقع ذلك، فإنك تفاجأ دائماً بالفرق الكبير عن ظروف اللعب في أوروبا. كانت حصيلة كأس الأمم الأفريقية مخيبة للآمال لأني أعتقد أنه كان بإمكاننا الفوز باللقب. خرجنا من الدور ربع النهائي أمام الفريق الذي توّج بطلاً في نهاية المطاف، حيث ارتكبنا أخطاء دفاعية كثيرة، رغم أننا كنا أفضل من خصمنا على العموم. أشعر بشيء من الحسرة، لأني أعرف أننا لو تأهلنا لخضنا ما تبقى من المنافسات على ملاعب أكثر ملاءمة لأسلوبنا وطريقتنا في اللعب. ما الذي تغير في نهجك منذ تلك التجربة؟ هل تنوي بناء المستقبل على المدى الطويل مع ثعالب الصحراء كما فعلت مع نادي لوريان؟ أعتقد أن الثمار تأتي نتيجة لتطور الفريق. صحيح أن مدة العمل في فريق وطني قصيرة جداً بالمقارنة مع مدة التدريب في النادي، ولكن توجهي لا يتغير بتغير الطموح، وهناك أمثلة على ذلك. لنأخذ ألمانيا على سبيل المثال: فقد اتبعت نهجاً واضح المعالم خلال العقد الماضي، وهو نهج استفاد من جميع استثمارات السنوات السابقة. المدرب لا يأتي لجني ثمار...هذا هو الثمن الذي يُدفع مقابل تحصيل النتائج مع المنتخبات الوطنية، وإن كان الأمر مختلفاً بعض الشيء في الأندية.