ختم الأفافاس تجمّعه الشعبي بقاعة الأطلس بمزيد من الغموض حول مبادرته للإجماع الوطني، مبادرة كان يُأمل من خلالها لمّ شمل السلطة والمعارضة التي زادت حدّة الخلاف بينهما، خصوصا في الآونة الأخيرة وقبيل التعديل الدستوري، فالأفافاس الآن في مفترق طرق احتار في اتخاذ القرار حول أي وجهة سيأخذها، هل إلى طريق المعارضة، هذه الأخيرة التي طلّقها ورأت في إطلاق مبادرة الإجماع تهديدا لما جاء في أرضية مزفران، أم إلى طريق السلطة، هذه الأخرى التي رفضت مبادرته بطريقة دبلوماسية اعتمدت فيها على مبادئ عدم التعدي على الخطوط الحمراء. وقال الناطق باسم الأفافاس يوسف أوشيش في اتصال بÇآالبلاد"، إن حزب القوى الاشتراكي كان ولا يزال معارضا منذ القدم، مضيفا أن الحزب سيكثّف من جهوده من خلال المكاتب الولائية وعن طريق حشد المواطنين عبر التجمعات الشعبية، ومن خلال إعداد حصيلة مرحلية على جميع مستويات وهياكل الحزب، للخروج بما يسمّى "ورقة الطريق المستقبلية"، لإنجاح مبادرة الإجماع الوطني. وحاول مناضلو حزب الأفافس من خلال شعارات "دا الحسين دا الحسين مازلنا معارضين"، إخفاء صورة فشل مبادرة الإجماع الوطني التي أطلقوها في محاولة منهم لرأب الصدع بين السلطة والمعارضة، علما أن حزب الدا الحسين هو أقدم حزب معارض للنظام، فالمتتبع اليوم، يرى أن الأفافاس حاله حال الطفل الصغير الذي خُيّر البقاء بين أبوين هما بصدد تسوية ورقة الطلاق، أيذهب إلى السلطة وهي التي رفضته وزجرته بخطوط حمراء وجعلت مبادرته محبوسة الأدراج، أم يذهب إلى صفوف المعارضة التي رأت في مبادرة الإجماع إنقاصا لدور تنسيقية الانتقال الديمقراطي وهيئة التشاور، حتى وإن عاد الأفافاس فالمعارضة حتما سترد عليه "لي راح وْوَلى واشمن بنّة خلّا". وكان واضحا وضوح الشمس أن مبادرة الإجماع لم تلقى القبول لا من أحزاب السلطة ولا من أحزاب المعارضة، فالمبادرة أُجهضت قبل أن ترى النور، وسبب واحد كان كفيل بنسفها وجعلها نسيا منسيا، وهو إصرار السلطة على وضع خط أحمر وبالبنط العريض على شرعية الرئيس والمؤسسات الدستورية، قابله في ذلك تعنّت المعارضة وإلحاحها على إنشاء لجنة انتخابات جديدة والتحضير لانتخابات رئاسية مسبقة تعمل على انتقال ديمقراطي سلس.