شكلت سنة 2014 بالنسبة لحزب الأفافاس ، سنة حملت العديد من التغيرات، تغيرات يصفها العديد من المحللين السياسيين سواء الموالين أم المنتقدين، ب "الجذرية"إ نطلاقا من تعيين محمد نبو، أمينا أول للحزب نيابة عن علي العسكري. و قرر هذا الحزب المعروف بالمعارضة الصارمة والعريقة لأول مرة، الإقتراب من النظام والتحاور معه، و اختلفت الآراء حول مبادرته, بين من يراها نضجا سياسيا ناتج عن تجربة الحزب، ومن يراها بداية لزيغ الأفافاس عن خط المعارضة وإذعانه للسلطة، وهذا ما "ظهر جليا" حسب المحللين السياسيين بعد إعلان قادة جبهة القوى الإشتراكية مقاطعتها لاستحقاقات أفريل 2014، أين علل مسؤولو الحزب قرارهم هذا بكون المشكل المطروح هو "أزمة نظام لا أزمة رئيس" حسبما أكده الأمين السابق للحزب " أزمة الجزائر ليست في الإنتخابات وإنما الخلل في منظومة الحكم نفسها، وبذلك فإن الحل ليس في إجراء انتخابات من عدم إجرائها وإنما في إعادة بناء إجماع سياسي وطني، وهو ما طالب به المؤتمر الخامس للحزب". ويربط المتتبعون لمسار الحزب "الإشتراكي" بين رسالة سعداني إلى حسين آيت احمد قبيل هذا، وبين قرار الحزب إلتزام الحياد، ليخلصوا بذلك إلى أن حزب "المعارضة العريقة" أمضى على "صفقة سياسية" مع النظام، أو كما أطلق عليه "بن فليس" الذي أبدى معارضة شرسة للعهدة الرابعة "تحوّلا بالتراضي"، الأمر الذي رفضه "علي العسكري" تماما، حيث قال "من قال أن السلطة استطاعت ثني الأفافاس عن مبادئه فهو مخطئ". من الإنتقال الديمقراطي إلى الإجماع الوطني في الوقت الذي تمكنت المعارضة الإتحاد والوقوف في صف واحد لأول مرة، خلال الندوة الوطنية للتنسيقية من أجل الإنتقال الديمقراطي و الحريات التي عقدت بفندق مزفران بزرالدة ال 10 من جوان 2014 وحضرها كبار رموز المعارضة على رأسهم الأرسيدي وجملة من الشخصيات السياسية الوطنية على غرار رئيس الحكومة السابق أحمد بن بيتور"، إلا أن الأفافاس أبدى مباشرة بعد انعقاد الندوة، معارضته للفكرة، ليطرح بالموازاة معها "مبادرة الإجماع الوطني التي أكدت فيها على نيتها في "إيجاد حل توافقي ومخرج ديمقراطي سلمي للأزمة الراهنة على جميع الأصعدة مع صون وحدة وسيادة الوطن" . وانطلقت في عرض مبادرتها على كافة الجهات السياسية من أحزاب ومؤسسات دولة وشخصيات سياسية واستطاعت بالفعل ضم الكثير من الأطراف إليها وفي الجلسة التقييمية التي أقامها الحزب بمقره، بداية ديسمبر، شارك فيها 36 فاعلا سياسيا، حيث يرد ضمن قائمة المرحبين بالمبادرة، الأفلان، الأرندي، تاج، الحركة الشعبية الجزائرية، الإتحاد العام للعمال الجزائريين.. والذين اتفقوا على العمل سويا لحل أبرز المشاكل المطروحة من وحدة وطنية وحماية الموارد وأمن الحدود..وانتقد بعض المشاركين إشراك السلطة في المبادرة، وتساءل البعض الآخر إن كان الجيش سيشارك فيها، بينما "تحفظ" كل من بن فليس ومقري عن المشاركة. وتساءل العديد حول زمن ظهور هذه المبادرة بالموازاة مع مبادرة التنسيقية، معتبرين أن أقدمية الحزب لا تعني أفضليته على البقية، كما قال جيلالي سفيان إثر مقاطعة الأفافاس لاجتماع التنسيقية الذي أسفر عنه تنصيب "هيئة التنسيق والمتابعة "زمن أنا أقدمكم وأعظمكم قد ولى"، ليبقى مستقبل المبادرتين واستمرارهما لابالتوازي، أو غلبة الواحدة على الأخرى أو حتى التقاءهما مستقبلا من الإحتمالات التي سيكشف الزمن عنها. ومهما تعددت الاراء حول مسار حزب جبهة القوى الإشتراكية، واختلفت التقييمات بين السلبية والإيجابية، فإن عمل الأفافاس في سنة 2014 يعتبر حدثا تاريخيا، يؤرخ لتحول جذري في الحزب العريق، ولا شك أنه سيكون له تأثيرا بالغا على مستقبل الجزائر على الساحة السياسية. وقال المكلف بالإتصال لدى حزب جبهة القوى الإشتراكية ، يوسف آوشيش، أن "2014 كان سنة الإجماع الوطني، حيث عملنا على عقد العديد من النشاطات والندوات من لقاءات ثنائية مع الأحزاب و عمل جواري مع المواطنين"، مؤكدا أن "سنة 2014 كانت جد إيجابية بالنسبة للحزب خاصة وأنها كانت فرصة للقاء الفاعلين السياسيين والمواطنين وتكثيف كل الجهود في خدمة الوطن". من جهة أخرى رد ،آوشيش، عن من "يدعون أن الأفافاس حاد عن مبادئه ومواقفه" قائلا أن "الأفافاس لا يخوض في هذا الجدل ولم تحد القيادة الوطنية للحزب عن الخط السياسي للجبهة والمتمثل في إرساء دولة القانون ، دولة ديمقراطية، ونحن سنواصل في هذا النمط لإنجاح مبادرة الإجماع التي هي مبادرة الجزائر والجزائريين أولا وقبل كل شيء".