تشهد أسعار الخضر والفواكه والمواد الغذائية ارتفاعا جنونيا في الأسواق الوطنية مع اقتراب شهر رمضان المعظم، بسبب ندرة تساقط الأمطار التي توحي بموسم فلاحي كارثي بالنسبة للاقتصاد الجزائري. ودق الفلاحون ناقوس الخطر بسبب تأخر تساقط الأمطار منذ منتصف شهر مارس الماضي، حيث تشهد الجزائر حاليا ارتفاع معدل درجات الحرارة بنسب مخيفة في منتصف فصل الربيع، وبالتالي تأثر المحاصيل الزراعية بالجفاف في منتصف الموسم الفلاحي، خاصة الحبوب والخضر والفواكه الموسمية التي هي في أمس الحاجة لتساقط الأمطار في هذا الوقت بالذات، حسب أقوال أحد المهندسين الفلاحيين. ويخشى الفلاحون من استمرار ظاهرة الجفاف الحالية التي تشهدها البلاد، لأن عدم تساقط الأمطار في هذا الظرف سيؤدي إلى تلف أغلبية المحاصيل الزراعية على غرار القمح والشعير والخضر والفواكه التي تبدأ حاليا في مرحلة التفتح وهي بحاجة لكميات معتبرة من المياه حتى يكتمل نضجها تحسبا لقطفها بداية من منتصف شهر ماي المقبل. كما عبر بعض الفلاحين عن مخاوفهم من تكبد خسائر مادية جسيمة في حالة استمرار الجفاف وتصاعد درجات الحرارة مع بداية نهاية فصل الربيع وبداية الصيف، خاصة أصحاب البيوت البلاستيكية الذين سيكونون بحاجة ماسة إلى كميات معتبرة جدا من المياه من أجل سقي محاصيلهم الزراعية، وإلا فإن محاصيل عديدة ستموت بفعل الجفاف. وبالتالي وقوع ندرة كبيرة في المنتوجات الفلاحية الصيفية على غرار الطماطم،البصل، الفلفل والبطاطا، إضافة إلى الفواكه الصيفية مثل الدلاع والبطيخ والمشمش. فيما ستكون النتائج وخيمة جدا على محاصيل القمح والشعير. الجفاف يهدد المحاصيل الزراعية - توقعات بموسم فلاحي أسوأ من العام الماضي أكد الخبير الزراعي اكلي موسوني، أن معظم المحاصيل الفلاحية من الحبوب والفواكه والأشجار المثمرة معرضة للتلف بسبب الجفاف الذي يمس الأجزاء الشمالية من الوطن منذ أزيد من شهر واعتبر الخبير في اتصال ب"البلاد" أمس، أن استمرار شح الأمطار إلى غاية منتصف شهر ماي القادم سيشكل كارثة حقيقة بالنسبة للفلاحين، إضافة الذين يمارس أغلبهم نشاطاتهم الزراعية دون توفر أدنى البنى التحتية المتعلقة بالسقي، ويعتمد معظم النشاط الفلاحي في الجزائر على ما يجود به غيث السماء في غياب سياسة فلاحية واضحة المعالم، وقيّم المختص أن الأراضي الزراعية تحتاج حاليا إلى حوالي 30 إلى 40 مليلترا أو ما مقداره 40 لترا في المتر المربع الواحد، وهو ما لا يمكن لأغلب الفلاحين توفيره دون سقوط الأمطار. ولاحظ اكلي موسوني أن آثار الجفاف قد بدأت تظهر فعلا عند أصحاب الأشجار المثمرة ومنتجي الفواكه، حيث تم تسجيل اصفرار في الأوراق وتآكل في بعض الأنواع من الخضر. وتعتبر شعبة الحبوب حسب الخبير الأكثر تضرارا من قضية الجفاف، حيث تعتبر أمطار الربيع أكثر من ضرورية في عملية التلقيح وتكوين البذور، ونبه موسوني إلى أن المشكلة الحقيقية التي تواجه قطاع الزراعة في الجزائر هي أبعد أن تكون مجرد مشكلة جفاف بل تتعداها إلى مشكلة تسيير، فالجفاف -حسب المتحدث- يمس منطقة شمال إفريقيا منذ 8 آلاف سنة والاعتماد على الأمطار في مناخ شبه جاف يعني أن مخططات وزارة الفلاحة أساسها التكهن والاعتماد على الحظ. وتساءل موسوني قائلا "كيف لبلد مثل المغرب وهو الذي يتقاسم معنا نفس المناخ تقريبا أن ينتج 100 مليون قنطار من الحبوب، فيما يقل إنتاج الجزائر عن ال10 آلاف قنطار. إلى جانب الجفاف، يعاني العديد من الفلاحين من انتشار نوع من البكتيريا أدى إلى هلاك آلاف الهكتارات من المواد الفلاحية، خصوصا في ولايات سطيف وبرج بوعريرج والبويرة. وكشف الخبير الزراعي اكلي موسوني عن أن واردات الجزائر من المواد الفلاحية في ظل الوضعية الحالية مرشحة للارتفاع لتصل 30 مليار دولار سنة 2025 مقارنة ب12 مليار دولار حاليا، مؤكدا بخصوص الحملة الأخيرة التي أطلقتها وزارة التجارة لتشجيع استهلاك الإنتاج الوطني أنها لن تأتي أكلها لسبب بسيط كون المنتوج الوطني -حسبه- يحتاج إلى برنامج إنعاش وليس حملة ترويجية، خصوصا أن 95 بالمائة من المواد الأولية المستعملة في إنتاج المواد الفلاحية مستوردة.