سارعت أحزاب السلطة بعد تأكيد المصدر المأذون من رئاسة الجمهورية بأن استقالة الحكومة "غير واردة"، إلى دفن صراعاتها وخلافاتها خاصة حزبي جبهة التحرير الوطني والتجمع الوطني الديمقراطي، على الأقل مؤقتا، وضبط إيقاعها على تحديات المرحلة المقبلة. وشهدت الساحة السياسية مؤخرا خلافات غير منتهية بين الغريمين جبهة التحرير الوطني وأمينه العام عمار سعيداني، والتجمع الوطني الديمقراطي تحت قيادة أمينه العام بالنيابة أحمد أويحيى، فبعد أن وصلت الخلافات بين الرجلين إلى ذروتها بدءا بمبادرة القطب التي طرحها أويحيى ورفضها سعيداني بخلق مبادرة جديدة تحت تسمية "التقدم في انسجام واستقرار"، وانتهاء بأزمة الوزير الأول وتهديد نواب حزب الأغلبية بإسقاط أي حكومة غير أفلانية، ما اضطر رئاسة الجمهورية للتأكيد بأن استقالة الحكومة "غير واردة". الخرجة الأخيرة لأحمد أويحيى من ولاية سكيكدة، ستمكنه حسب متابعين من كسب مزيد من الوقت، وهو الذي أثنى على غريمه عمار سعيداني، مجددا وصفه بأنه "الحليف الاستراتيجي" للأرندي وليس خصما، وهو ما يعطي الانطباع بأن الوقت وقت تهدئة، وأن الرئاسة هي من تدخلت لوضع حد للصراع القائم بين الرجلين، خاصة وأن تحديات المرحلة الحالية والقادمة تستدعي ذلك، وهو ما أشار إليه أيضا ضمنيا أويحيى بسكيكدة، خاصة وأنه وجه سهامه في وجه المعارضة التي تسعى حاليا للتحضير لمؤتمر مزافران الثاني، واصفا إياها ومدرجا عملها ضمن "بقايا فيروس الربيع العربي". الدورة الربيعية المقبلة للبرلمان، وتحديات ما بعد الدستور الجديد، تقتضي على أحزاب الموالاة مواجهتها بشكل متحد، بدل المواجهة بتفرقة قد لا تخدم الفريقين معا، في حال ما تحالفت قوى المعارضة داخل قبة البرلمان، الأمر الذي قد يهدد الحليفين الاستراتيجيين ويفقدهما قوتهما ويذهب ريحهما، حيث يقرأ العديد من المتابعين السياسيين أن ردة فعل الرئاسة وتأكيدها على أن استقالة الحكومة غير واردة، مرده إلى الصراع الذي كان بين حزبي الأغلبية، بالإضافة إلى "تكاسل" بعض الوزراء في مواصلة مهاهمم على نفس الوتيرة التي كانوا عليها في انتظار أي تعديل وزاري منتظر، حيث تفضل السلطة أن تكون يداها قويتان ومتحدتان أثناء تعديل القوانين التي يقتضيها الدستور الجديد، بداية بالقانون العضوي الناظم للعلاقة بين الحكومة والبرلمان، وذلك بهدف تسهيل عمل السلطة لتجسيد المخططات التي أتى بها الدستور.