عاد الحديثُ هذهِ الأيام حول ضرُرورة ترميم بيت المُفكر الجزائري العالمي مالك بن نبي، ليأخُذ حيّزاً كبيراً من النقاش أوساط النُشطاء والأكاديميين. هذه الحملة التي يقُودُها الأكاديمي والمُدوّن معمر بودالي سُرعان ما لاقت تجاوُباً كبيراً وصل إلى الجهاتِ الوصية بمدينة تبسة التي يتواجدُ بها بيت المُفكر. كما يعملُ هؤلاء على تحقيق وتجسيد هذا المطلب على أرض الواقع من خلال عمل زيارة ميدانية إلى المكان بعد العيد، ومُعاينة ما يمكنُ فعله، فقد سبق وطالبت شخصياتٌ من الباحثين والمُفكرين بشتى الميادين رئيس الجمهورية بالتدخُل من أجل إيقاف عملية ما أسموهُ الاعتداء التي يتعرضُ لها منزلُ المفكر مالك بن نبي، كما طالبوا بتحويله إلى معلم ثقافي حضاري، بدلا من تدنيسه والتعدي عليه من طرف زُمرةٍ من المُستهترين العابثين الذين حوّلُوه إلى وكر للعربدة والأفعال المشبُوهة. من جهة أخرى، تُعدُ هذه الخُطوة ليس بهدفِ إنقاذ هذا الهيكلِ الذي يحمل قيمة تاريخية فحسب، بل للحِفاظ كذلكَ على الرُوح المُتمثلة في فكر المُفكر الجزائري العالمي. ويتواجدُ البيت في قلب مدينة تبسة، وبالتحديد في شارع بخُوش محمد السدراتي، فهذا الأثر المُهمل المُتهالك ليس ككل البيُوت، لأنه شاهدٌ حسب الباحثين على أحداثِ قرنٍ حافلة، خُصُوصاً أنهُ احتضن فلسفة الحضارة في العصر الحديث، كما ذكرهُ صاحبهُ في كتابه "مذكرات شاهد القرن"، ليُصبح اليوم بين يدَي الإهمال، حيث تم سد نوافذه وأبوابهِ لحمايته من مواصلة استخدامه ك "مخمرةٍ" من طرفِ المُنحرفين، وإكراما للقيّم والتاريخ والمبادئ التي عاش لها مالك بن نبي ومات من أجل الدفاع عنها وتكريسها. للتذكير، فقد نشأ مالك بن نبي وترعرع في هذا المنزل بضع سنوات، إلى غاية انتقاله من تبسة إلى فرنسا لمُواصلة دراسته، وقد تحوّل الشارع الذي يتواجدُ فيه منزلهِ إلى مكانٍ مشبوه تملؤه الحانات، الأمر الذي حزّ في نُفوس الكثيرين من المُثقفين وأصحاب الرأي في المدينة وحتى خارجهاَ، والتي انتفضت لمُطالبة السُلطات المحلية والوطنية وكل الجهات الرسمية التي لها علاقة بالقضية للعمل على تحويله إلى متحفٍ جهوي وطني وحتى عربي. إلا أن الإشكال الذي سيبقىَ قائماً إلى حينٍ هُو أن هناك نزاعا عائليا حول تِركة العلاّمة، خاصة بعد وفاة زوجته في العاصمة عن عمر ناهز التسعين عاما، لذلك فهناك صراعٌ عائلي بالموازاةِ مع قراراتِ المسؤُولين بشأنهِ، وفيه من يعملُ على تحويله إلى متحف، ومنهم من يرى غير ذلك، ليبقى القرار النهائي في يد السُلطات العمومية، التي خصصت مبلغا ماليا مُحترما، يليق بمقام الرجل، على أن يكون الافتتاح في أقرب وقت، تزامنا مع التهيئة التي تشهدها ساحة وسط المدينة التي يطلّ عليها منزل مالك بن نبي. ليبقى هذا المطلب في الوقت الحالي حُلم الكثيرين.