ندوة فكرية حول المثقف الجزائري، نظمت مؤخرا بالعاصمة، خلصت إلى أن هذا الكائن البشري كان ضحية الخطاب الرسمي والأحزاب السياسية معا! القاعدة الثابتة في العلاقة بين السلطة والمثقف كالأديب والشاعر والصحفي والمؤرخ والدكتور (الذي ليس رأسه يدور)، أن هذا الأخير لا يجب أن يقترب كثيرا من السلطة فتحرقه. ولا يبتعد كثيرا أيضا فتنساه كما ينسى أصحاب المقبرة بعد فترة! وعندما يجد المثقف اليوم نفسه ''زنفة'' في قبو مهجور ومحقور أو في وضعية الشيطان الأخرس (الذي لا يقول الحق) وإن قال رأسه ينشف، فإن ذلك معناه أن المثقف لم يفلح في تحديد موطئ القدم الصحيح الذي يمكنه من ألا يشتعل كالشمعة أو يبرد ككرة الثلج على الأقل على ضوء القاعدة الثانية القائمة على فكرة الانتفاع والنفع! فالخطاب الرسمي الذي تحدث منذ الميثاق الوطني (المرحوم) في السبعينيات عن تكوين الإنسان الجديد لم يثبت أنه يحتاج بالفعل إلى مثقفين ومفكرين جدد مستقلين ومن أصحاب الآراء المختلفة! والأحزاب السياسية التي تنتهج السياسة نفسها وتتحدث في برامجها عن دور المثقف. غالبا ما تدير ظهرها له إلا إذا كان من فئة الشياتين والوصوليين ممن يجيدون فن التبرير أي تبرير ما لا يبرر! وما دام أن حكم الأميين وأشباه الأميين لم يتغير طوال سنين بناء على فكرة تولية الأمور والمسؤوليات لأصحاب القليل من المعرفة والكثير من ''المفيزة''، فإن الحديث عن أي دور للمثقفين يصبح مجرد نكتة، وهذا في دولة نبت فيها بن بوزيد التربية في سياسة التجهيل وخليدة الثقافة في الشطيح، ويصبح مجرد حلم بعيد إذا تأملنا صورة ذلك المثقف التونسي (الذي تعرضه الجزيرة) وهو يتحدث عن هذا اليوم (يوم التغيير) ويحك شعره الذي شاب دلالة على حجم التضحيات التي قدمها المثقفون والسياسيون لتنوير الفكر الحرّ!