تملك الجزائر سادس احتياطي عالمي من ثروة الفوسفات، لكن الأخيرة لا تزال غير مستغلّة بالشكل المأمول، مما جعل خبراء يجزمون بتفريط 41 وزيراً تعاقبوا على الصناعة والمناجم منذ الاستقلال في كنز بوسعه منح أرباح تربو عن 448 مليار دولار في ال 56 سنة المنقضية. تملك الجزائر احتياطيا من الفوسفات يعتبر السادس عالميا بعد كل من الصين، الولاياتالمتحدةالأمريكية، روسيا، المغرب وتونس، ويقدر مخزونها بنحو ملياري طن، لكنه لم يستغل بشكل كبير تجاريا لحد الآن، وتم اكتشاف الفوسفات بمنطقة جبل العنق بولاية تبسة، وبدأ إنتاج الفوسفات بالجزائر في عام 1894 من قبل شركة قسنطينة للفوسفات زمن الاحتلال الفرنسي، وفي عام 1930 أنشأت الإدارة الكولونيالية شركة جبل العنق، وفي عام 1936 تم اكتشاف حقل هام من الفوسفات بمنطقة بئر العاتر. وفي عام 1955 تم إنشاء خط سكك الحديد لربط مناطق الفوسفات بميناء عنابة، وفي عام 1973 أمّمت السلطات الجزائرية الشركة، وسمتها "سونرام"، وفي عام 1984 جرى هيكلة الشركة وربطها بشركة الحديد والصلب لتصبح تحمل اسم "فيرفوس"، كما تم في عام 2003 فتح المنجم الجديد المسمى "كاف سنون". مخزون ب 2.2 مليار طن تحتل الجزائر المرتبة الخامسة عالميا للتصدير والمرتبة العاشرة عالميا للإنتاج، ويحتوي احتياط الفوسفات بشمال شرق الجزائر على 2.2 مليار طن، علما انّه جرى اكتشاف عدة مناطق بالجنوب الجزائري تحتوي على الفوسفات، لكنها لم تستغل ولم تقدّر لحد الآن. وظلّ مسؤولون حكوميون يشدّدون على رهان تحويل 5 ملايين من الفوسفات التجاري إلى أسمدة فوسفاتية، وإنتاج 1 مليون طن من الأمونياك و800 ألف طن من الكالسيوم نترات الأمونيوم. لكن الهدف الأسمى "جعل الجزائر قطباً منجميا ومركزاً مرجعياً للدول الإفريقية والحوض المتوسطي" لا يزال بعيدا!، طالما أنّ الجزائر لا تتوفر على شبكة نقل تسمح لها الآن برفع طاقة الإنتاج، فالنقل بالسكك الحديدية إلى ميناء "عنابة" في شرق البلاد، عن طريق القطارات، يواجه مشاكل في نقل الفوسفات الخام الآتي من مناجم "تبسة" و"سوق أهراس"، وتختزل مشاكل النقل حجم التصدير الضعيف، بل أحيانا كثيرة تخسر الجزائر الملايين من الدولارات جراء عجزها عن توصيل الطلبات في وقتها، حيث تنقل القطارات ما معدله 800 ألف طن من خام الفوسفات مقابل تعدي الطلبات عتبة 1.2 مليون طن سنويا. لعنات 56 عاماً يبدو المعطى محتشما في منظومة استهلكت 41 وزيرا على امتداد 56 عاماً، وبلغة الأرقام تعاقب 25 وزيرا على رأس قطاع الصناعة: زيتوني مسعودي، سليم سعدي، بلقاسم نابي، فيصل بودراع، سعيد آيت مسعودان، عبد السلام بلعيد، لعروسي خليفة، محمد الطاهر بوزغوب (الصناعات الخفيفة)، محمد غريب (الصناعات الثقيلة)، صادق بوسنة، حسان كحلوش، عبد النور كيرامان، مختار محرزي، عمار مخلوفي، شريف رحماني، مراد بن أشنهو، عبد المجيد مناصرة، الهاشمي جعبوب، حميد طمار، محمود خذري، محمد بن مرادي، عمارة بن يونس، عبد السلام بوشوارب، محجوب بدّة ويوسف يوسفي. وإلى جانب هؤلاء، تعاقب 16 وزيرا على قطاع الطاقة والمناجم هم: خليفة لعروسي، بشير بومعزة، عبد السلام بلعيد، سيد أحمد غزالي، بلقاسم نابي، صادق بوسنة، نور الدين آيت الحسين، حسان مفتي، أحمد بن بيتور، عمار مخلوفي، يوسف يوسفي، شكيب خليل، صلاح خبري، نور الدين بوطرفة، ومصطفى قيطوني. وظلت خطب الوزراء المتعاقبين تتمحور حول طموح الجزائر للتحوّل إلى لاعب رئيسي في إنتاج الأسمدة الفوسفاتية في السوق الدولية، والمنتجات الأخرى المشتقة من الفوسفات، إلاّ أنّ الحاصل بقاء الأمور رهينة "الكلامولوجيا"، في وقت تتوفر الجزائر على عدة مزايا يفقتدها منتجون آخرون، كتوفر الجزائر على احتياطي كبير من الفوسفات وبنوعية جيدة، وامتلاكها الغاز، إضافة إلى قربها من الأسواق الرئيسية، وهو ما يفترض فتح آفاق كبيرة أمام المنتجين، إلاّ أنّ ذلك لم يحدث.