عين رئيس الجمهورية عبد العزيز بوتفليقة سعيد جلاب وزيرا جديدا للتجارة خلفا لمحمد بن مرادي. و كان سعيد جلاب قبل هذا يشغل منصب المدير العام للتجارة في المبنى نفسه الذي سيتربع على قمته. و نجح جلاب خلال فترة تأديته لمهامه في تجنيب الجزائر من الوقوع في فخ عجز في الميزان التجاري كان سيؤدي لنتائج وخيمة في فترة حساسة، حيث يعتبر مهندس المخططات التي نجحت في حل المعادلة الصعبة "التخفيض من الاستيراد دون المساس بالمستوى المعيشي للمواطنين" من خلال قيادته لغرفة عمليات التجارة الخارجية في السنوات الأخيرة ولعل ذلك قدمه كمرشح فوق العادة لنيل منصب وزير التجارة. أدار ملف منع استيراد الأسمنت فأشرف على تصديره وتمكن مدير التجارة الخارجية السابق من قيادة عدة ملفات كان من بينها الملف الخاص بنظام "رخص الإستيراد". كان الرجل الذي طُلب منه أن يحدد سقفا للواردات في 12 مادة مهمة من بينها السيارات و الإسمنت و الحديد المعد للبناء.. دون أن يخلق ندرة تتسبب في رفع الأسعار وهذا من خلال دراسات دقيقة للسوق من الصعب القيام فيها بإحصائات دقيقة لتغول السوق السوداء. ورغم ذلك نجح جلاب في قيادة الملف وبعد سنتين كان نفس الرجل الذي سقف إستيراد الإسمنت يسير ملف تصديره في قفزة كبيرة. تعامل الرجل كذلك مع 40 وكيلا للسيارات وإستطاع توزيع حصص الإستيراد بينهم بالعدل حسب المبيعات في السنوات الماضية ثم تدريجيا وضع ضوابط و مقاييس لمن يستحق الحصة الأكبر وكان ذلك السبب الذي دفع عددا منهم اليوم للتحول الى نشاط تركيب السيارة عوض المتاجرة بها فقط. إستطاع تحديد ما الذي يستطيع أن يستغني عنه الجزائريون لإنقاذ الخزانة و عمل سعيد جلاب و فريقه على تحديد قائمة المنتجات المعنية بتجميد الإستيراد وتم إعتماد نظام يقوم على دراسة السوق وماهي الكماليات التي يمكن للمواطن أن يستغني عنها و تلك المنتجات المستوردة التي يمكن للمنتوج المحلي تعويضها. ورغم الجدل الذي سببه منع إستيراد الشوكلاطة و الأجبان على المستوى الشعبي و منع استيراد المنكهات الغذائية على مستوى المصنعين تشير الثلاثة اشهر الأولى أن القائمة التي تم إعدادها كانت موفقة ولم تخلق حالة ندرة بل وعوضت المنتجات الوطنية، المنتجات المستوردة على رفوف المحلات بسلاسة. وكان من بين الإجراءات التي قام بها الوزير أن فرض على المستوردين وثيقة تثبت تسويق المنتوج في بلد المنشأ ما جعل الجزائر تستفيد من وصول السلع بأسعار منخفضة بعد ان ضل المستوردون يقومون بطلب المنتجات من اطراف ثالثة وأحيانا رابعة عوض المنتج الأصلي . ويمكن أن يرجع جزء من الفضل الذي سمح للمقدرات المالية للجزائر بالصمود فوق عتبة 100 مليار دولار ما أغنى الجزائر عن الإستدانة في السنوات الماضية الى حسن تسيره لملف التجارة الخارجية. هذه هي الملفات التي تنتظر الوزير الجديد سيقود جلاب بصفته وزيرا كل الأقسام المتعلقة بالتجارة سواء الخارجية أو الداخلية و أول الألغام التي هو مطالب بتفكيكها هي أزمة الحليب التي باتت تؤرق المواطن البسيط ، كما سيجد جلاب نفسه وزيرا بعد أسابيع فقط تفصلنا عن شهر رمضان الكريم وفيه تكثر المضاربة وترتفع الأسعار. الوزير سيشرف على الاستراتجية الوطنية للتصدير هذه المرة من موقع أعلى سيسمح له بإتخاذ القرارات اللازمة لتحويل الجزائر إلى بلد لا تقتصر صادراته على المحروقات.