تمكنت الحكومة من تمرير قانون الصحة بأغلبية الأصوات بالمجلس الشعبي الوطني، بعد الضجة السياسية والمهنية التي أحدثها مشروع القانون، حيث صوّت لصالحه نواب الموالاة ورفضه نواب المعارضة، فيما انسحبت جبهة القوى الاشتراكية. وأكد وزير الصحة والسكان وإصلاح المستشفيات، مختار حسبلاوي، أن الحماية الصحية ترتكز على القطاع العام الذي يشكل العمود الفقري للمنظومة الوطنية الصحية، بجانب قطاع خاص "مكمل يعمل في إطار متناسق ومنظم". وشهدت جلسة التصويت على قانون الصحة الجديد، التي حضرها 283 نائب، جدلا كبيرا ميزه انسحاب نواب جبهة القوى الاشتراكية، الذين دعوا إلى سحب القانون، فيما صوت نواب كل من الاتحاد من أجل النهضة والعدالة والبناء والعمال وحركة مجتمع السلم والتجمع من أجل الثقافة والديمقراطية ضد القانون، وامتنعت جبهة المستقبل عن التصويت، فيما صوّت لصالح المشروع نواب حزب جبهة التحرير الوطني والتجمع الوطني الديمقراطي والحركة الشعبية الجزائرية وتجمع أمل الجزائر والأحرار وباقي التشكيلات. وقال رئيس الكتلة البرلمانية للاتحاد من أجل النهضة العدالة والبناء، لخضر بن خلاف، إن قانون الصحة الجديد "نزل مشوّها من الحكومة، وزاد تشويها من خلال التعديلات المدرجة عليه"، واعتبر أن إحالة 64 مادة من القانون على التنظيم "يهدد صحة المرضى ويعد استخفافا كبيرا"، مستغربا "كثرة التغييرات" التي طالت القانون منذ نزوله للبرلمان خلال العهدة الماضية، قائلا "القانون تغير أكثر من نصفه"، واصفا القانون ب«الكارثي" على مجال الصحة في الجزائر. واتهم بن خلاف، أطرافا لم يسمها بمحاولة "تعفين الوضع أكثر" من خلال برمجة القانون في هذه الظروف، قائلا "هو محاولة وضع الجميع أمام الأمر الواقع". وفي السياق ذاته، انسحب نواب جبهة القوى الاشتراكية من جلسة التصويت على قانون الصحة الجديد، مطالبين بسحبه بشكل كلي من المجلس. وقال النائب جمال بالول، إن قانون الصحة الجديد "يتناقض مع الطابع الاجتماعي للدولة"، حيث يطالب في مادته 343 المواطن وصندوق الضمان الاجتماعي بالتكفل بمصاريف العلاج، "ما يعني تخلي الدولة عن مجانية العلاج بشكل تدريجي". وطالب نائب الأفافاس، بسحب القانون كليا، والشروع في جلسات حوار وطنية من أجل صياغة قانون حقيقي عبر التوافق الوطني. من جهة أخرى، رفض نواب المجلس الشعبي الوطني، إدراج مادة جديدة في قانون الصحة الجديد، تخص إمكانية الإيقاف العلاجي للحمل الذي يحدث بسبب الاعتداء الجنسي أو زنا المحارم، وطالب النائب عن حزب العمال، جلول جودي، خلال مناقشة التقرير التكميلي للمشروع المتعلق بالصحة، باقتراح مادة جديدة تنص على تمكين الطبيب المختص بإجراء إيقاف علاجي للحمل لما تكون المرأة ضحية تعدي جنسي أو زنا المحارم. وأوضح جودي، في معرض تقديمه للاقتراح، أن العملية يجب أن تكون في القطاع العام كي تستفيد المرأة الضحية -حسبه- من مرافقة طبية ونفسانية واجتماعية خاصة حسب ما تقتضيه الظروف. وقال النائب إن هذا الطلب جاء لتجنب المشاكل الاجتماعية التي سيتواجه هذا الطفل بسبب رفض المجتمع له. وأكد وزير الصحة والسكان وإصلاح المستشفيات، مختار حسبلاوي، أن الحماية الصحية ترتكز على القطاع العام الذي يشكل العمود الفقري للمنظومة الوطنية الصحية بجانب قطاع خاص "مكمل يعمل في إطار متناسق ومنظم". ويرى السيد حسبلاوي، أن "حماية الصحة تعتمد أيضا على مبدأ مجانية العلاج، الذي يعتبر مكسبا لا رجعة فيه لصالح المواطن، كما أكده رئيس الجمهورية، عبد العزيز بوتفليقة، في أكثر من مناسبة". ويرى حسبلاوي، أن "مستقبل المنظومة الصحية الوطنية التي تعدّ من أولويات برنامج رئيس الجمهورية مرتبط بتحيين الركيزة التشريعية لتكريس الدور الاجتماعي للدولة وتجسيد التزاماتها في إطار متجدد يأخذ بعين الاعتبار التحولات الوبائية والاجتماعية والاقتصادية التي عرفتها الجزائر". وقال الوزير أن هذا النص، الذي تمت المصادقة عليه عشية أحياء عيد العمال، سيساهم في إخراج قطاع الصحة من "النفق للشروع في عصرنته ووضعه على سكة الأمان لفائدة المريض الموجود في صميم هذا المشروع، الذي يجعله فوق كل اعتبار، ومن التكفل الجيد به، الغاية الأسمى للمنظومة الوطنية للصحة".