أعجبتي قصة الجيل الرابع من الأيفون، فهي قصة أمريكية رائعة ومشوّقة تحكي عبقرية التطور التكنولوجي الذي تسوّقه لنا الشركات الغربية، فقد توصل شاب إلى قناعة مطلقة أن الهاتف الذي عثر عليه بأحد نوادي سان فرانسيسكو بمميزاته المتطورة لن يكون إلا نسخة مطورة لأجهزة آبل· لذلك سارع في الصباح، وبتعبيرنا العربي الإسلامي، إلى رد الأمانة لأهلها·· أي إلى الشركة المنتجة التي كانت لاتزال في مرحلة دراسة النسخة المطورة من محمولها··· لكن ما دخل زعيم الأرندي وحليفه الأمين العام للحزب العتيد في حكاية أمريكية تخص التكنولوجيا لا السياسة؟!ودون المزيد من التفاصيل التي يمكن أن تثقل القارئ الكريم عن هذه الوصلة الإشهارية للجهاز الذي أستخدمه وأحبه كثيرا لأسباب عدة، أقول إن هذا الجهاز أو أي جهاز يحمل تطبيقات متطورة لا يقبل بتنصيب تلك التي لا تتماشى مع التحديثات المطلوبة، فمثلا لا يمكن لك أن تثبت برنامجا للحرية والديمقراطية بأدوات بالية· لقد أثارت تصريحات الأمين العام للتجمع الوطني الديموقراطي، الكثير من ردود الأفعال التي أجمعت على أن السي أحمد أرادها هذه المرة خالية من أي توجه نحو الإصلاح· وبينما تعج ساحات النقاش في مواقع التواصل الاجتماعي وفي الشارع والمنتديات وفي الساحة السياسية والوسط الحزبي بحديث الساعة، الإصلاحات وما أدراك ما الإصلاحات، يفضل أحمد أويحيى بصفته أمينا عاما للأرندي ووزيرا أولا في حكومة التحالف الرئاسي قطع الطريق أمام الحالمين بالتغيير الناعم·· وهذا لا يعني أن الرجل يريد تغييرا عنيفا، فلا الأول ولا الثاني في رؤية أويحيى· ومن الصدف أن لا يختلف الأمين العام لحزب جبهة التحرير الوطني في توصيف الحراك الدائر هذه الأيام ببلادنا وحصره في المطالب الإجتماعية·· صحيح أن الجزائر ليست تونس ولا مصر ولا ليبيا ولا اليمن ولا سوريا و لا المغرب ولا البحرين ولا الأردن ولا السودان ولا جيبوتي ولا مدغشقر ولا ''الماريكان''، هذا أمر مفروغ منه، لكن الجزائر، هي الجزائر التي خرج أبناؤها في أكتوبر 1988 لصناعة انتفاضة للتغيير الشامل، أو لنقل ثورة، إن صح التعبير، على رأي عبد العزيز بلخادم الذي أطلق عليها اسم الثورة في حوار الساعة على التلفزيون الجزائري· الشاب الجزائري الذي خرج آنذاك من أجل تغيير الحكم أو أسعار الخبز، يتحسر اليوم وهو في سن الشياب من المؤامرة التي حيكت ضد ثورته أو انتفاضته، لأن الذين استفادوا من تلك الثورة هم أنفسهم الذين ضغطوا على الشارع إلى درجة الانفجار، وهم أنفسهم الذين مهّدوا الطريق أمام التيارات المتطرفة التي حصدت ربع مليون جزائري في حرب ضروس طيلة التسعينيات، هذه الحرب وتلك الإبادة التي تعرض لها الشعب الجزائري لا يجب أن تكون مبررا للمزيد من التراجع عن السير نحو الانفتاح السياسي والإعلامي· ومن المؤسف أن اللغة السائدة اليوم في الخطاب شبه الرسمي تصب في صناعة الخوف من أي انفتاح ديموقراطي، لأن الذين أجهضوا مطالب الجزائريين والانفتاح السياسي في الجزائر خلال التسعينيات، إنما فعلوا ذلك حماية للنظام السياسي العربي· والحاصل اليوم في المنطقة العربية تأجل منذ عشرين سنة خلت، فقد شكل الانفتاح السياسي في بلادنا آنذاك تهديدا مباشرا لاستقرار المنطقة التي ترضخ تحت وطاة الوصاية الغربية وأنظمة مستبدة جائرة، هكذا كان التصور، وهو ما تم فعلا بتواطؤ غربي ومن الداخل أيضا على نتائج انتفاضة أكتوبر .1988 لذلك، فإن التهديد والتخويف من حرب التسعينيات وأن الجزائريين جربوا وخبروا وعرفوا كلام مردود عليه، فهو أشبه بتطبيق جي 3 في الآبل الذي يراد تثبيته على جي ,4 وهو ما يحاول كل من أحمد أويحيى وعبد العزيز بلخادم القيام به، مع الأسف في هذه النقطة الخطأ، يؤدي إلى ''حرق'' الجهاز إلكترونيا··· أعود إلى قصة النسخة الجديدة من جهاز الأيفون جي ,4 إن الشاب الذي عثر على النسخة الجديدة التي لم تطرح بعد في ذلك الوقت في الأسواق، حاول قبيل توجهه إلى الشركة صاحبة الجهاز تصفحه فوجد أن كل المعلومات تم مسحها من طرف مجهول، والحقيقة أن تلك النسخة تمكن صاحبها الأصلي من مسح كل المعلومات الموجودة على الهاتف عن بعد، في حالة ما إذا ضاع منه جي 4 ·· والحديث قياس·