عرفت أسعار القطار الرابط بين العاصمة وضواحيها ارتفاعا محسوسا، إذ لاحظ المسافرون أن الأسعار تضاعفت 100%، خلافا لما كان منتظرا، حيث وعد الوزير قبل تدشين رحلات القطار الكهربائي بأن تكون الأسعار مدروسة وفي متناول المواطن البسيط، إلا أن واقع الحال يكذب وعود الوزير، حيث تفاجأ المسافر الجزائري بالأسعار الخيالية مباشرة بعد تدشين استعمال هذه القطارات السريعة من قبل الرئيس بوتفليقة أول أمس. قادتنا جولتنا إلى محطة القطار أغا بالعاصمة لمعاينة الوضع الجديد لهذه المحطة بعدما دعمت بقطارات جديدة أو ما يطلق عليها ''الاتومتريس'' لنرى رد فعل المسافرين عبر القطار وبين مختلف المحطات، خاصة وأن هذا النوع الجديد من القطارات يعد حديث العهد بالجزائر منذ فترة الاستقلال مما أدى إلى انتظار الكثير من المسافرين منذ سنين طويلة لوجود مثل هذه القطارات بالجزائر لكن الفرحة لم تتم فبمجرد أن علم المسافرون بالتكاليف الرهيبة للقطار الجديد عبر مختلف اتجاهاته نحو الناحيتن الشرقية والغربية للجزائر العاصمة حتى أضحى جل المسافرين مستاؤون من التسعيرة المضاعفة لبعض الرحلات والتي قالوا عنها إنها ان استمرت هكذا فستخرب بيوتنا خاصة أن دخل المواطن الجزائري اليوم أصبح لا يغني ولا يسمن من جوع.. ما دفعنا للقيام بهذا الاستطلاع للتقرب أكثر من فرحة البعض وسخط البعض الآخر من المسافرين الذين التقينا بهم في محطة اغا بالعاصمة والتي تعرف توافدا كبيرا للمسافرين يوميا وفي كل الاتجاهات، حيث لاحظنا طوابير كبيرة للمسافرين في انتظار قدوم القطار الجديد ليتشرفوا بركوب أول قطار حديث العهد والتكنولوجيا بالجزائر . من البطاطا إلى ''الأوتومتريس'' شبح غلاء سعر البطاطا لايزال مخيما على الشعب الجزائري، فقبيل قدوم القطار بحطة اغا متوجها إلى محطة الثنية ببضع ثواني لاحظنا تذمر بعض المسافرين، فاقتربنا منهم وحاولنا معرفة سبب استيائهم، فرد علينا أحد الكهول إن دخله لايكفي حتى لميزانية اسرته، قائلا ''نقصولنا فالبطاطا، وزادولنا في التكي''، وأضافت (ف.د) 35 سنة ، والعاملة بإحدى مصالح مستشفى مصطفى باشا الجامعي والتي كانت متوجهة إلى محطة الثنية رفقة ولديها مرددة ''المبلغ الذي اتقاضاه شهريا لم يكن يكفيني عندما كانت تسعيرة القطار القديمة، فكيف الآن عندما اصبحت التذكرة ب 130 دج ذهابا فقط. المسافة نقصت والفاتورة طلعت وجدنا معظم المسافرين في محطة اغا ساخطين على تكاليف الرحلات عبر مختلف الاتجاهات، حيث أكدت لنا سيدة في العقد الخامس من عمرها وهي مسافرة دائمة في القطار بين خط اغا والرغاية بأن تكلفة الرحلة بلغت 80 دج ذهابا فقط وهو ما اعتبرته تكلفة باهضة خاصة بالنسبة للاشخاص ذوي الدخل الضعيف والمتوسط وبمجرد معرفة تكاليف الرحلات التي قدرت تكلفتها من محطة اغا إلى محطة العفرون بالبليدة ب 160 دينار ذهابا فقط بمعنى أن التكلفة بين الذهاب والاياب تقدر ب 320دج حتى تلاشت بوادر الفرحة من وجوههم وهو ما لم يستوعبه المسافرون الذين أكدوا أن التكلفة غالية جدا ولا تتماشى مع الرواتب التي يتلقونها والتي تكون في كثير من الأحيان زهيدة كما شد انتباهنا حسان البالغ من العمر 30 سنة، وهو امام اكشاك بيع التذاكر، كان هو الآخر متوجها إلى محطة الثنية للالتحاق بعمله، وكانت علامات الحيرة بادية على وجهه، فسألناه عن سبب ذلك، فأجبانا وهو يتنفس الصعداء ''أين المفر، لابد علي أن أدفع ثمن التذكرة'' وأضاف ''ظننت أنني تخلصت من مشكل بعد المسافة والوصول متأخر إلى العمل، لكنني وجدت نفسي وقعت في مشكل أكبر وماعلي سوى البحث عن عمل ليلي، حتى أتمكن من الإنفاق على عائلتي المتكونة من 8 أشخاص''. نروح نمشي ومنخلصش 300 دج كل يوم أدى هذا الوضع الجديد إلى سخط نور الدين طالب بالجامعة المركزية، حيث يقول إن القطار الجديد ''فرحنا من جهة وزعفنا من جهة أخرى'' فأنا لا أملك أن أدفع 320دج يوميا ذهابا وإيابا من محطة اغا إلى العفرون بالبليدة ناهيك عن مصاريفي الأخرى المتمثلة في شراء الكتب ...الخ وبينما نحن في حديث مع نور الدين لفت انتباهنا أحد الشباب في مقتبل العمر وهو في جدال مع أصدقائه حول هذه التكاليف الجديدة مرددا عبارة ''نروح نمشي ومنخلصش 300 دج كل يوم'' وعند اقترابنا منه أخبرنا بأنه مسافر دائم عبر القطار في مختلف الاتجاهات خاصة محطة أغا بالعاصمة بغية البحث عن عمل أو وظيفة يسترزق منها ليقول إنه مادام الوضع هكذا فأنا في غنى عن الجري وراء الخبزة وربي هو الرزاق. أصحاب بطاقات الاشتراك غير معنيين بالوضع الجديد هذا وفيما عبر لنا معظم المسافرين عن سخطهم من تكاليف الرحلات عبر مختلف محطات القطار، أكد لنا البعض الآخر وهم من مستفيدي بطاقات الاشتراك أن الأمر لا يعنيهم ما داموا لا ينفقون أي فلس من جيوبهم للتنقل بالقطار أو كما قال لنا أحدهم ''من اجل راحتي ادفع كل دخلي، عانيت كثيرا اثناء تنقلي اليومي في القطار القديم، وحان الوقت للتطلع لما هو افضل''. لأننا نجد في القطار الجديد متعة في السفر خاصة أنه مريح ويتوفر على كل الشروط اللازمة التي يحتاجها المسافر من مراحيض نظيفة وخدمات أخرى كسماع الموسيقى الهادئة. عامل التأخر بقي نفسه والجديد هو التكاليف الباهضة أكدت لنا سهام 30 سنة، موظفة بالعاصمة أن القطار الجديد لم يأت بشيء جديد سوى أنه ضاعف من تكاليف الرحلات فقط فضلا على أنه ورث من القطارات القديمة عامل التأخر الذي أصبح عادة لا يستغنى عنها في محطات القطار بالجزائر وخاصة العاصمة وهو ما يؤدي دائما إلى دخولي متأخرة عن العمل وسماع ما لا يرضيني من المسؤول الأول في الشركة التي أعمل بها مرددة لقد مللت من هذه الوضعية ولا أدري متى سيحل مشكل التأخر في القطار .