سواء دخل حزب العمال الاستحقاق الرئاسي أو لم يدخل فإنه فقد على ما يبدو بريق المشاركة كما عودنا في المواعيد السابقة بالظهور مظهر قوة الاقتراح التي لا تبالي بحجم ومستوى المنافسة الانتخابية ولا نوعية المنافسين. أصبح لِصمت حزب العمال والأمينة العامة أكثر من قراءة تأتي في مقدمتها أن اليسار في الجزائر يعرف اضمحلالا سياسيا وانتخابيا غير مسبوقين في الجزائر منذ الانفتاح الديمقراطي، بدليل المشاكل الداخلية التي تعرفها الأحزاب اليسارية والتي تحسب على التيار الديمقراطي مثل حزب التجمع من أجل الثقافة والديمقراطية، جبهة القوى الاشتراكية والحركة الديمقراطية الاجتماعية.وحزب العمال ليس في منأى عن الاهتزازات التي تعرفها صفوف الأحزاب المتخندقة في مربع المعارضة. حزب لويزة حنون، ورغم تميزه في بعض الأطروحات مثل المصا لحة الوطنية والإصلاحات الاقتصادية، يجد نفسه هذا الموسم في مفترق الطرق من الرئاسيات المنتظرة في أفريل القادم. وفي انتظار قرار واضح و صريح للجنة المركزية للحزب أعلى هيئة بين المؤتمرات يبدو أن حزب العمال في مأزق تنظيمي حاد لم يسبق وأن عانت منه صاحبة القبضة الحديدية مثل ما تعانيه خلال هذه العهدة النيابية خاصة. فقد ثار ضدها بعض نواب الكتلة البرلمانية في حملة شرسة نظير كيفية تعامل الحزب مع كوادره وطريقة تسييره. وأحدثت استقالات بعض النواب سبعة حسب مصدر حزبي زلزالا حزبيا على مرمى أسابيع من الرئاسيات وفتحت هوة كبيرة بين القمة والقاعدة تحولت تداعياتها إلى نزييف كبير في المناضلين في القواعد والمنتخبين المحليين مما جلب متاعب جمة لقيادة الحزب بالنظر إلى التململ الصارخ في قواعد الحزب امتد إلى أوساط المتعاطفين. ورغم تبريرات القيادة وعلى رأسها الأمينة العامة فإن هذا التململ حال دون جمع التوقيعات اللازمة تخول السيدة لويزة حنون دخول المعترك الرئاسي بكل راحة وثقة. ومما زاد من قلق العُمّاليين، حسب مراقبين، التعليمات الصارمة التي صدرت عن قيادة التجمع الوطني الديمقراطي وجبهة التحرير الوطني بتخصيص كل توقيعات مناضليهم للمترشح عبد العزيز بوتفليقة، وهذا ما عقّد من مهمة المكتب السياسي على اتخاذ القرار الأنسب تجاه موعد 9 أفريل القادم. للتذكير فإن مشاركة الحزب في رئاسيات 2004 تحققت حسب تسريبات عن دعم غير معلن من خارج الحزب. وأقحم حزب العمال نفسه في مأزق حقيقي بعض الضجة التي أثارها ضد اللجنة السياسية المستقلة لمراقبة الانتخابات وإحراج رئيسها بوالشعير في تشريعيات ماي .2007 ورفض مطلب المراقبين الدوليين الذين اشترطته بعض الأحزاب السياسية كشطر لدخول الاستحقاق الرئاسي ظاهريا وكورقة تعجيزية للسلطة في الباطن. وانخرطت حنون في مسعى المشاركة المشروطة يأتي في مقدمتها ضمانات لخوض انتخابات شفافة من مكتب الاقتراع إلى اللجنة الإدارية المكلفة بالفرز النهائي من خلال إشراك الأحزاب السياسية المعنية بالرئاسيات من ألفها إلى بائها في إشارة واضحة إلى تعديل قانون الانتخابات الشرط الثاني وهو ذو بعد سياسي إستراتيجي ويكمن في مطلب حنون القاضي بحل البرلمان مباشرة بعد الرئاسيات القادمة وإجراء تشريعيات مسبقة، وهذا المطلب يصب في منطق حزب العمال المتأرجح بين المشاركة في كل المسارات الانتخابية ثم توجيه اللوم والنقد لمستوى ونوعية التمثيل مثلما هو الحال مع تشكيلة الكتل البرلمانية للعهدة الحالية، والتي تقول عنها السيدة حنون إنها الأسوأ في تاريخ البرلمان الجزائري. ويأتي تحليل السيدة الأولى في حزب العمال على اعتبار أن مراتب قوائم الترشح بيعت بمبالغ خيالية لقاء الولوج للبرلمان والحصول على الحصانة البرلمانية إمكانية تبييض أموال وحصد أموال أخرى بطرق غير شرعية. وبين جاذبية الموعد مع الرئاسيات ونكهة المشاركة يبقى حزب العمال متخوفا من عزوف محبيه والمتعاطفين معه على غرار باقي الناخبين، وأن تتحول المشاركة إلى انتكاسة حزبية يصعب على لويزة حنون جبرها. فكيف يتعامل حزب العمال مع موعد غير معروف العواقب بالنظر للاستعراض القوة الذي قدمه المترشح المستقل عبد العزيز بوتفليقة؟ وبين المشاركة والاندثار صعب الاختيار في حزب كان يلعب الأدوار الأولى قبل أن تصيبه عدوى الانشقاق