اندلعت مواجهات دامية مساء أمس في العاصمة الليبية طرابلس، بين قوات المجلس الانتقالي، ومسلحين موالين للعقيد الليبي معمر القذافي، حيث نقلت وكالة “رويترز” عن شاهد عيان وسكان قولهم إن معركة بالأسلحة اندلعت في العاصمة بين مجموعة يتراوح عدد أفرادها بين 20 و50 مقاتلا مؤيدا للقذافي وقوات المجلس الانتقالي. وهرعت قوات الثوار على متن شاحنات صغيرة مكشوفة باتجاه الموقع في حي أبو سليم الذي يعد مركزا لمؤيدي القذافي. وقال الشاهد إن الجانبين تبادلا إطلاق النار من الأسلحة الآلية والرشاشات الثقيلة. وأوضح سكان بالمنطقة أن مجموعة المسلحين ظهرت في أبو سليم في وقت سابق وأخذوا يرددون شعارات مؤيدة للقذافي. وفي الأثناء، استنكرت شخصيات إسلامية ليبية قيام مجموعات مسلحة بهدم الأضرحة في العاصمة طرابلس، ودهم منارة الزاوية البرهانية الدسوقية الشاذلية بمقام “سيدي عبد الجليل بجنزور”، مؤكدين أن الوقت غير مناسب للخلافات الفقهية. وقال أمين عام هيئة علماء ليبيا خالد الورشفاني إن من قاموا بهذه الأعمال من “المتشددين” قد استندوا إلى بعض الفتاوى الدينية، وأشار إلى أن هدم الأضرحة وإخراج الموتى من المنكرات. وأنكر الورشفاني ما وصفها بالتصرفات غير المسؤولة، مضيفا أن الله كرم الإنسان بغض النظر عن انتماءاته الدينية والسياسية. وأوضح أنه يعتقد أن هؤلاء الشباب فريسة لبعض أنصار نظام العقيد الهارب معمر القذافي، داعيا المجلس الانتقالي إلى التحرك لإفساح المجال لرأي العلماء بهذا الشأن. ورفض العضو المؤسس لهيئة علماء ليبيا أيمن الجمال زرع بذور الفرقة بهذه المرحلة التي قال إنها “حساسة”، مؤكدا أن المنكر لا يزال بمنكر أشد منه، وأن الوقت الآن وقت حرب، والواجب على الشباب سؤال أهل العلم قبل الإقدام على أي أفعال تزيد الفتنة والتفرقة. وقال الجمال إن الله توعد من يحاربون الأولياء، مؤكدا أن نبش القبور وتفجير الأضرحة بالمتفجرات مسألة “خطيرة” لم يعرفها العالم الإسلامي قبل هذه الحادثة. وندد أستاذ الشريعة بجامعة بنغازي شعبان العبيدي بالعملية، وقال إن ما حدث بطرابلس لا يعبر إلا عن ظاهرة انتصار لتيار فقهي ضد آخر، مؤكدا أن هدم الأضرحة مسألة فقهية خلافية لا ينبغي فيها فرض الرأي بالقوة، واعتبر أن اللجوء إلى القوة خطر كبير. ورفض العبيدي بشدة هذه “الفتن” وقال إن القبور لها حرمتها بشرط ألا تعبد من دون الله ولا تتخذ أوثانا، موضحا أنه لا داعي لإثارة هذه القضايا في وقت مازالت فيه دماء أبناء ليبيا تسيل على مختلف جبهات القتال. من ناحية أخرى، ذكرت صحيفة أمريكية، إن أسلحة تم تهريبها من ليبيا عبر الحدود المصرية تملأ “السوق السوداء” بشبه جزيرة سيناء لتشقّ طريقها إلى قطاع غزة، في ترديد للمزاعم التي أبداها الإسرائيليون في وقت سابق مبدين مخاوفهم من سقوط الأسلحة بيد الفلسطينيين. ونسبت صحيفة “واشنطن بوست” إلى مسؤول عسكري مصري لم تكشف عن اسمه، إن المسئولين الأمنيين المصريين اعترضوا صواريخ مضادة للطائرات أغلبها تطلق من على الكتف، في طريقها إلى سيناء وفي أنفاق التهريب التي تربط مصر بقطاع غزة، منذ سقوط العقيد معمر القذافي في أوت الماضي. وفي تطورات الوضع الليبي ميدانيا، تدور معارك عنيفة في مدينة سرت بين ثوار ليبيا وكتائب القذافي التي تقاوم بشراسة وتقصف بالصواريخ والقذائف مناطق مختلفة في المدينة، وسط استعداد الثوار للزحف على مدينة بني وليد جنوب شرق العاصمة.